دين ومجتمع

تيسير الزواج من سنن الأنبياء

بقلم الكاتب /هاني محمد علي عبد اللطيف
خرج نبي الله موسى عليه السلام من مصر خائفاً يترقب خوفاً تمهدت أسبابه ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ) .
فالمرأتان هما إبنتي شعيب عليه السلام وذكرتا السبب الذي لأجله خرجتا فلابد من السقيا وأبوها كبير السن لا يقوي على السقي وعلى الرغم من ذلك فقد تباعدتا عن مكان السقاة وذلك لأن المرأة لا ينبغي أن تكون خراجة ولاجة وإذا إحتاجت للخروج لا بد من التأدب بالآداب الشرعية والتباعد عن مواطن التهم والشكوك قال الله تعالى ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) وقال تعالى (وَإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )
وقال تعالى ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً )
وقال تعالى (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ )
وقالي تعالي مخاطباً نبيه الكريم والأمة في شخصه الكريم ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) .
وإن الزواج من أعظم الآيات ومن ثماره حصول المودة والرحمة ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) .
وإن جمال المرأة في حيائها لا في إبتذالها لذلك تباعدت المرأتان في مكان الرجال مع الحاجة لسقيا الماء .
ويحكي لنا القرآن الكريم قال الله تعالى (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إلى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) فكانت مروءة وشهامة ورجولة من نبي الله موسي فعندما سقي نبي الله موسي لهما ثم أرجع حاجته لله قال الله تعالى ( ثم تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير)
حيث إستشعر فقره وأشتكي حاله لخالقه ومولاه وهو الغني الحميد والإنسان لا يحتاج لمطعم وملبس ومشرب ومسكن فقط فقد إبتلي بشهوة وغريزة يحتاج إلى تصريفها في الحلال الرجل بحاجة لزوجه يسكن إليها لتعينه على نوائب الحق، والمرأة بحاجة لزوج تأنس به ليكون عوناً لها على طاعة الله
وانظروا لقيمة الدعاء في جلب الخيرات وتحقيق المطلوبات فعندما دعا نبي الله موسي ربه قال الله تعالى (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)
فكان الأجر من الله حيث عرض شعيب على موسى الزواج بابنته فقالت إحدى الفتاتين ( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) فقال شعيب ( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) .
قص نبي الله موسي على شعيب والد الفتاتين ما كان منه بمصر فقال (قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
فلقد وقع إختيار الفتاة على القوي الأمين وهو أحد أولي العزم من الرسل واستن شعيب بسنة الصالحين، فمثل نبي الله موسي لا يفرط فيه حتى وإن كان فقيراً
ولكي يكون الزواج مباركاً فلا بد من بدايات صحيحة فالمرأة تنكح لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)
وها نحن نري كيف تم زواج نبي الله موسي من إبنة شعيب حيث آجر نفسه لإعفاف نفسه وحسن الإختيار الطرفين من حيث التراضي بينهما وتم تحديد المهر وإنتهت المشقة والمغالاة والحرج بينهما
نحتاج في زواجنا التيسير في كل الأمور وأن نراعي بعضنا البعض نحتاج أن نعيد النظر وأن يرحم بعضنا بعضاً حتى يكون الزواج سهلاً ويسرا نحتاج لبيوت تؤسس على تقوي الله وعلى الإيمان وعلي الرضا واليسر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock