مقالات وآراء

فى الإحتفال بيومها ..”الأم نهر عطاء لا ينضب”

جريدة الصوت

كتبت:هيام فايز

على الرغم من تخصيص يوم 21 من مارس من كل عام للإحتفال بعيد الأم ،إلا ان تخصيص يوماً واحدا للتعبير عن الحب والإمتنان للدور العظيم الذى تقدمه الأمهات غير كاف، وبخاصة مع تزايد الأعباء التى تقع علي عاتقهن.

فقد أصبحت الأم تربى أبنائها وتذاكر لهم وتهتم بصحتهم وشئون المنزل بالإضافة الى عملها،الأمر الذى جعلها تبذل جهدا مضاعفا فى رعاية أسرتها.

ولاشك ان كل منا يتمنى ان يكون كل يوم بمثابة احتفال وتكريم للأم وان يستطيع ان يعبر لها عن امتنانة لتعبها وجهدها وتفانيها فى العطاء والتضحيات ،وان يقول لها فى كل لحظة “أحبك أمى”.

ان الإحتفال بعيد الأم ليس شيئاً مستحدثاً،فالأم تشكل ركناً أساسياً في الحياة اليومية للأسر والمجتمعات، ومن هنا جاءت فكرة تخصيص يوم لتكريمهن وشكرهن على التضحيات التي قدمنها ولا زلن يقدمنها.

ويعتبر المصريين القدماء أول من احتفل بعيد الأم كعيد مقدس ابتداءً من الدولة القديمة واستمر حتى عهد البطالمة ، حيث ذكر “عيد الأم” فى أكثر من بردية من برديات كتب الموتى ، ووجدت ضمن مقابر الدولة الحديثة في كثير من البرديات وقطع الأوستراكا نماذج من النصوص التقليدية للدعاء للأم فى عيدها.

وقد تزامن عيد الأم في مصر القديمة مع شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدة لبذر البذور وهى بذور الحياة التي تبعث الحياة في الأرض وهو شهر هاتور في التقويم المصرى القديم، وقد شبه قدماء المصريين الأم بنهر النيل الذى يهب الحياة والخصب والخير واعتبروا تمثال إيزيس التي تحمل ابنها حورس رمزًا لعيد الأم فيضعونه في غرفة الأم ويحيطونه بالزهور ويضعون حوله الهدايا المقدمة للأم في عيدها الذى يبدأ الاحتفال به مع شروق الشمس ويعتبرون نورها وأشعتها رسالة من السماء لتهنئتها، وهناك بردية وجدت فى تل العمارنة على شكل رسالة كتبها طفل لأمه فى عيد الأم .

كما ان برديات الحكماء تضمنت نصائح للأبناء بطاعة الأم ومنها الحكيم “سنب حوتب” الذي قال “ضاعف لها العطاء فقد أعطتك كل حنانها وضاعف لها الغذاء فقد غذتك من عصارة جسدها وأحملها فى شيخوختها فقد حملتك فى طفولتك ، أذكرها دائمًا فى صلواتك ودعواتك للإله الأعظم فكلما تذكرتها بذلك ترضى الإله وإذا نسيتها نسيك فلا تجده عندما تحتاج إليه”، كما يقول الحكيم “آنى” :”أعطتك كل شيء ولم تطلب أى شيء فأنت بالنسبة لها كل شيء مهما أعطيتها فلن توفى ما عليك من دين للإله فهو الذى يطالبك به”.

أما الإحتفال بيوم الأم فى الغرب،فهو تقليد يعود إلى العصور الوسطى عندما كان النازحون يعودون إلى كنائسهم الأم لزيارة عائلاتهم، واليوم، يُحتفل به بطرق أكثر حداثة، حيث تُهدى الأزهار وتُقام تجمعات عائلية، لكنه لا يزال يحمل طابعًا دينيًّا لدى البعض.

ان أول من فكّر في عيد للأم في العالم العربي كان الصحفي المصري الراحل علي أمين – مؤسس جريدة أخبار اليوم مع أخيه مصطفى أمين -حيث طرح علي أمين في مقاله اليومي ‘فكرة’ طرح فكرة الاحتفال بعيد الأم قائلا: “لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه “يوم الأم” ونجعله عيداً قومياً في بلادنا وبلاد الشرق.

ثم حدث أن قامت إحدى الأمهات بزيارة للراحل مصطفى أمين في مكتبه وقصت عليه قصتها وكيف أنها ترمَّلت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرّست حياتها من أجل أولادها، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقلوا بحياتهم، وانصرفوا عنها تماماً، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير “فكرة” يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها، وكان أن انهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم وليس مجرد يوم واحد، ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يومًا واحدًا فقط، لكن أغلبية القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد، وبعدها تقررأن يكون يوم 21 مارس ليكون عيداً للأم، وهو أول أيام فصل الربيع؛ ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.

ومع اختلاف طرق التعبير عن حب الأم فى كل الثقافات والحضارات وعلى مر العصور،ستظل الأم رمز الحنان والعطاء اللا متناهى والقلب النابض بالسعادة وسط الأسرة وفى يومها، لها تحية حب مصحوبة بالورود والتقدير، فلا شيء يضاهي دفء حضن الأم، ولا كلمات تستطيع وصف تضحياتها على مر السنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock