
بقلم احمد شتيه
باحث في الشأن الاستراتيجي والأمن القومي
تحتفل محافظة دمياط في الثامن من مايو من كل عام بعيدها القومي، تخليدًا لذكرى انتصار المصريين على الحملة الصليبية بقيادة لويس التاسع عام 1250، وهو الحدث الذي يجسد روح الوطنية والصمود التي يتميز بها أبناء دمياط. ويأتي الاحتفال والعيد القومي ليرسم لوحةً تجمع بين إرث الماضي العريق وإنجازات الحاضر المشرقة، وسط تحديات تسعى المحافظة لتحويلها إلى فرص.
شهدت دمياط في السنوات الأخيرة طفرة تنموية ملحوظة في مختلف القطاعات:
إطلاق 60 مشروعًا في قطاعات متعددة، منها تطوير “جسر الحضارة” (كوبري دمياط التاريخي) بالتعاون مع شركة موبكو، وتطوير كورنيش البحر ومنطقة الخليج بمدينة رأس البر، بالإضافة إلى رفع كفاءة شوارع رئيسية في كفر البطيخ ومدينة دمياط ومركز الزرقا ومدينة السرو .
وتأخذ المشروعات التعليمية والصحية نصيب الأسد حيث تم تنفيذ 275 مشروعًا تعليميًا بتكلفة 193 مليون جنيه، شملت إنشاء مدارس جديدة وتوسعة أخرى، مثل المدرسة الثانوية الفندقية بدمياط الجديدة ومدرسة كفر سعد للتعليم الأساسي ، وتطوير مستشفى رأس البر المركزي ومستشفى جراحات اليوم الواحد، بالإضافة إلى تطوير مدارس التمريض في الشعراء ،وتطوير مستشفى فارسكور بعد جهد كبير من نائبى الشيوخ بمحافظة دمياط وليد التمامى ومحمد ابو حجازى حتى اعتماد ميزانية تتجاوز المليار جنيه لانشائها.
ولم تُهمل دمياط البُعد الاجتماعي، حيث تم تنفيذ مشاريع إسكانية لذوي الدخل المحدود، وتطوير المناطق العشوائية، وإنشاء مدارس تكنولوجية تطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص، في محاولة لسد الفجوة بين التعليم وسوق العمل.
مبادرة “حياة كريمة” وتنفيذ 1378 مشروعًا في مركز كفر سعد، شملت تأهيل الطرق، تبطين الترع، إنشاء وحدات صحية، تطوير مراكز الشباب، وبناء مدارس جديدة، مما ساهم في تحسين جودة الحياة في القرى المستهدفة.
فوز دمياط ضمن أفضل 6 محافظات في مبادرة “حوافز تميز الأداء” بإدارة الاستثمار العام.
حصول المحافظة على مراكز متقدمة في جائزة مصر للتميز الحكومي، وتكريم محافظ دمياط، الدكتورة منال عوض، ضمن أبرز الشخصيات النسائية الملهمة في الوطن العربي ويأتى الدكتور “ايمن الشهابى” ليكمل مسيرة التنمية فى محافظة من اهم محافظات الجمهورية لما لها من طبيعة خاصة تنفرد بها عن باقى محافظات الجمهورية ويبدأ مرحلة جديدة من التطوير والبناء لعودة محافظة دمياط لمكانها الطبيعى محافظة جاذبة للاستثمار .
رغم هذه الإنجازات، تواجه دمياط تحديات عدة، منها: الحاجة إلى استكمال مشروعات البنية التحتية في بعض القرى، خاصة في مجالات الصرف الصحي والطرق ،تعزيز فرص العمل للشباب، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية.
وتواجه محافظ دمياط بعض التحديات اهمها مواصلة تطوير الخدمات الصحية والتعليمية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة ،ولا تُغفل المحافظة التحديات الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع أسعار المواد الخام وتقلبات سوق التصدير، والتي تؤثر على قطاع الأثاث، إلى جانب مخاطر التغيرات المناخية التي تهدد الشواطئ والمناطق الساحلية.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي د. أحمد مرسي أن “دمياط قادرة على تعزيز مكانتها العالمية إذا ركزت على الابتكار ودمج التكنولوجيا في صناعاتها التقليدية، مع تطوير سياحة بيئية تستفيد من تنوعها الطبيعي”.
دمياط، التي حوّلت مقاومة الغزاة قبل قرون إلى مصدر فخر، تُثبت اليوم أن بإمكانها تحويل التحديات إلى سُلم للارتقاء ، فبينما تُضيء شموع الاحتفال بعيدها القومي، تُرسل رسالة أمل بأن إرادة أبنائها قادرة على نحت مستقبل يناسب مجد ماضيها ، فلن تُوقفها التحديات طالما ظل التاريخ خير حافز، والإرادة خير سلاح ،حيث تُعد محافظة دمياط نموذجًا للتنمية المتوازنة بين الحفاظ على التراث والتحديث، ويعكس عيدها القومي ليس فقط ذكرى تاريخية، بل أيضًا مناسبة لتقييم الإنجازات والتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا.