الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور ” يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد يقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ” إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، ولا من بشره شيئا” رواه مسلم، وكما قال صلى الله عليه وسلم ” من رأى منكم هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره حتى يضحي ” رواه الترمذي.
فمن أراد أن يضحي ودخل عليه العشر من ذي الحجة فلا يأخذ شيئا من شعره ولا من أظافره ولا من بشرته، وهذا الحكم منوط بالمضحي دون المضحى عنه، ومن أخذ من ذلك شيئا متعمدا فهو آثم وعليه التوبة والإستغفار وأضحيته صحيحة بإذن الله، ومن المستحب للمسلم أن يقوم بصيام هذه الأيام المباركات لفضلها وعظيم أجرها، فإغتنموا عباد الله هذه الأيام بالأعمال الصالحة من بر وصلة رحم، وصدقة وذكر لله تعالى وكثرة للنوافل وقراءة القرآن بتدبر وخشوع وكثرة الدعاء إلى الله عز وجل وأكثروا من الصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبيكم وقدوتكم محمد صلى الله عليه وسلم فقد أمركم الله بذلك فقال قولا كريما ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك.
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين، وإن من نعم الله سبحانه وتعالى علينا أيها الأمة الإسلامية أن مواسم الخير يتبع بعضها بعضا، فبعد أن إنقضى موسم رمضان جاء موسم الحج، وموسم العشر من ذي الحجة، فينبغي أن نتعرف على نعم الله تعالي علينا بهذه المواسم التي هي للمؤمنين مغنم لإكتساب الخيرات ورفع الدرجات، وهي لهم فرصة لتحصيل الحسنات والحط من السيئات تتكرر علينا كل عام، ليتكرر بها علينا فضل الله تعالي، ونجدد النشاط على صالح الأعمال، ففضائل الله عز وجل على هذه الأمة كثيرة وله المنة والفضل، ومن ذلك شكر العمل القليل وإحلال البركة فيه، ومن فضائل العشر من ذي الحجة، أن الله تعالى أقسم بها بقوله تعالي ” وليال عشر “
وقال الإمام الطبري رحمه الله ” والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه” وقال ابن كثير رحمه الله ” والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف ” وقال الإمام الشوكاني رحمه الله “هي عشر ذي الحجة في قول جمهور المفسرين” وهذا دليل على فضلها وعظيم أمرها، وهي الأيام المعلومات التي أُمرنا فيها بذكر الله تعالى، حيث قال تعالي ” ليذكروا اسم الله في أيام معلومات ” وقال ابن عباس رضي الله عنهما عن الأيام المعلومات “أيام العشر” وهي العشر المذكورة في قوله تعالى ” وواعدنا موسي ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه اربعين سنة “
والثلاثون شهر ذي القعدة، وهي أيام يتضاعف فيها ثواب العمل، وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره.