
بقــلـم / محمد نجم الدين وهبى
مقولة “مصر هبة النيل” تعني أن نهر النيل هو مصدر الحياة لمصر، وأنه لولا النيل لما قامت الحضارة المصرية وقد قال هذه المقولة المؤرخ اليوناني هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث أدرك أهمية النيل في توفير المياه للزراعة والشرب، وفي تكوين التربة الخصبة التي مكنت من قيام الزراعة والحضارة .
مصر هي الأرض التي قامت عليها حضارة من أعظم الحضارات التي مرّت على تاريخ البشريّة ألا وهي الحضارة الفرعونيّة القديمة، والتي لا تزال آثارها شامخةً حتى الآن تشهد على عظمة المصريّين القدماء الذين تحدوا كل الصّعاب، وظلّوا صامدين في وجه الزّمان وتقلباته، فالآثار الخالدة أكبر دليل على ذلك. كل من يزور مصر لا بد من أن يتمتع بمشاهدة تلك الآثار، مثل: أهرامات الجيزة ومعبد رمسيس الثالث ووادي الملوك والملكات، وما يُميزها حقًا هو أنّها في قلب قارات العالم القديم، بحيث إنّها نقطة التقاء ثّلاث قارّات كبرى؛ آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتقع في وسط العالم العربي، إذ يحدّها من الشّمال البحر الأبيض المتوسّط، ومن الجنوب دولة السّودان ومن الغرب دولة ليبيا، ومن الشرق البحر الاحمر ودولة فلسطين.
“إن مصر العروبة، ضحت ولازالت تضحى من أجل الوطن العربي، مصر التي فقدت شبابها حفاظًا على الوطن العربي”
تشهد المرحلة المقبلة التي تحمل في طياتها مخاطر جسيمة، حيث كشف عن وجود مؤامرات خفية تهدف إلى زعزعة الأمن على الحدود المصرية، ومحاولات مستمرة لإشعال الفوضى الداخلية، بالإضافة إلى مخططات مدروسة لاستنزاف موارد الدولة المصرية.
وأشاد في هذا الصدد بالدور المحوري والتي تقوم به القوات المسلحة المصرية التي تحولت إلى قوة ردع إقليمية ضاربة، معتبراً أن هذا التحول جاء نتيجة سياسة تنويع مصادر التسليح التي انتهجتها القيادة السياسية، والتحديث المستمر للعتاد العسكري، والقرارات الحكيمة التي اتخذتها القيادة السياسية في هذا الشأن.
دوائر التربص تتسع ضد مصر، كانت في سيناء مواجهات عسكرية مع تنظيمات إرهابية استوطنت منذ حكم المرشد، وفي حدود مصر الغربية كانو يمارسون كل صنوف التجاوز، يحلمان بأن يكون لهما موطئ قدم على الحدود الغربية لمصر، وتأتى الاحداث و التحديات متلاحقة وسريعة، راهنا على انهيار الاقتصاد المصري، فصدمتهما ثبات وقوة وصمود مؤسسات الدولة، حاولا بث الفرقة بين المصريين، فحارا في اصطفاف الشعب خلف القيادة السياسية المصرية، التوقيت فارق في إدارة كل هذه التحديات.
كان إردوغان وحلفاؤه في قطر والتنظيم الدولي يرون أن الوقت مناسب للاستفزاز والاستهداف، وتأتى أديس أبابا لتعاند مصر أيضاً، وتراهن هي الأخرى على أن مصر مشغولة بمواجهة تحديات شرق المتوسط وليبيا، ومواجهة الإرهاب في حدودها الشمالية الشرقية، كل ينتهز الفرصة باستهداف الدولة المصرية، لكن القاهرة يقظة على جميع الجبهات، إثيوبيا لديها 950 مليار متر مكعب من المياه، أي ثلثا إيراد النهر البالغ 1600 مليار متر مكعب، ترى أن تحقيق حلمها بأن تصبح بنك أفريقيا للمياه، أهم وأفضل من حياة ووجود شعوب أخرى، مثل شعبي مصر والسودان، كانت أديس أبابا تؤكد أن شيئاً ما يدور خلف الأبواب بعيداً عن قضية «سد النهضة».
واستهداف مصر، ومحاربتها سيطول الجميع على أرضها، وعلينا أن ندرك أن الاستبداد والظلم والكبر لا يبني إلا الأطلال ولا ينشر إلا الخراب ولا يؤدي إلا للذل وتسلط “الأعداء” حتى لو أظهروا في بعض الأوقات أنهم “أصدقاء لنا “، والعدل هو من يحمي الأوطان وليس القوة واليد الباطشة والاستبداد وجمع الأموال من الفقراء.
وإذا كنا نعلم جيدا أن قادة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والبعض الآخر في الغرب يسيرون خلف “النبوءات التوراتية”، لذا فحتما علينا أن نعلم أفكارهم من منبعها، ونحن هنا لا نجزم بصحة ما يحدث ولا بعدم صحته، ولكن الواقع يؤكد الكثير منه، خصوصا أنهم من زرعوا الخلافات بين المصريين وأنهم من يمول بناء السدود على النيل، والنيل هو شريان الحياة في مصر، وهم يريدون حصار مصر وخنقها في شريان حياتها ووجودها.
وهم يعتبرون أن هذه علامات لابد منها لظهور “المسيح عليه السلام” للغرب أو المخلص لإسرائيل (من وجهة نظر اليهود)، وهذه عقائدهم وهم يعترفون بها وهي في كتبهم، الخطير أنهم ينفذونها اليوم وليس هناك من يقف أمامهم.
لذا لم يكن من المستغرب أن يخرج علينا الحاخام الصهيوني البارز “نير بن أرتسى” ليشكك المصريين في نفسهم ويتحدث بكل يقين لديه أن “الجوع سيضرب مصر، حتى إن المصريين سيأكلون بعضهم بعضا حتى الهلاك، ولن يجدوا من يرفع عنهم هذا العذاب”.
ومخطئ من يظن أن إسرائيل التي تبحث عن دولتها الكبرى من الفرات إلى النيل تريد مصر وفيها “90 مليون إنسان”، بل هي تريد تشريدهم والقضاء عليهم بالمجاعات والأمراض من جهة وبالتهجير من جهة أخرى.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب من قبل إن “الفلسطينيين لا يمتلكون خيارا بديلا عن مغادرة قطاع غزة”، ولفت الى “رغبته بأن كل من مصر والأردن تستقبلان سكان قطاع غزة ، ولا بديل أمام سكان قطاع غزة إلا مغادرته، لكن مصر وقفت امام قرارات الرئيس الأمريكي ورفض فكرة التهجير من الاساس .
وقد شدد الرئيس المصري على أهمية إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كون ذلك الضمان الوحيد للتوصل إلى السلام الدائم في المنطقة.
مصر تأكد على انه لا توجد حلول عسكرية للازمات التي تواجهها المنطقة وإنما عبر الحلول السياسية والسلمية، كما تؤكد ان غطرسة القوة لن تحقق الامن لأي دولة في المنطقة بما في ذلك اسرائيل، وإنما يتحقق ذلك فقط من خلال احترام سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها وتحقيق العدالة وانهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.
مصر لا تفرط في الأمن القومي العربي، ولن تتخلى عن أي من أشقائها وأهدافها العروبية، ذلك المعنى يوضح ان الطامعين، في المنطقة لا يريدون استقرار في المنطقة، واستهداف مصر هو استهداف للمنطقة بأكملها ، وأمن مصر لا يُصان إلا بجيش قوي وشعب واعٍ يعرف أن حريته مرتبطة بقدرته على حماية أرضه.
فعلى جميع فئات الشعب المصري بالتحلي بأعلى درجات اليقظة والحذر من الشائعات المغرضة، مؤكداً على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية ودعم الدولة وقيادتها في هذه المرحلة الحرجة.