مقالات وآراء

لماذا نبدأ شهورنا العربية بالهجرة ؟

هناء الصغير
يبدأ غدا أول ايام عامنا الهجري الجديد 1447ه اختيار هذا اليوم ليكون يوم ابتداء عام كل مسلم على وجه الأرض، لهو أمر يحتاج إلى وقفة متأملة ومتعمقة، ولنبدأ في مقالنا هذا بأحد هذه الدروس المستقاة من الهجرة، ألا وهو تأصيل مبدأ الأخذ بالأسباب، وجعله من أسمى صور العبادة.
فها هو رسول الله الذي أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في ليلة واحدة بمعجزة ربانيةينتظر الإذن بالهجرة من مكة إلى المدينة.
وتشاء الحكمة الإلهية ألا ينتقل إلا بعالم الأخذ بالأسباب المادية، وجعلها أسمى صور العبادة لله سبحانه، وتتجلى لنا في التحضير والتنفيذ لهذه الهجرة عبقرية التخطيط البشري والتنظيم والأخذ بالأسباب على أكمل وجوهها من قِبل آخر الرسل على وجه هذه الأرض.
مبيت سيدنا علي بن أبي طالب في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا كمال إتقان الخطة والأخذ بالأسباب، واجتهاد من نبينا صلى الله عليه وسلم، فالأمر الرباني هو ألا يبيت صلى الله عليه وسلم في فراشه، ولكن جبريل لم يأمره أن يطلب من أحد أن يبيت في فراشه، وفي هذا درس إعمال العقل البشري والتخطيط، فكانت كلماته لعلي رضي الله عنه: “نم على فراشي وتسبح ببردتي فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم”.
خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة في ساعة القيلولة، وهي أشد ساعات النهار حرارة من الصيف، وأهل مكة في خيامهم وبيوتهم.
توجهه صلى الله عليه وسلم إلى غار ثور جنوب مكة، وهو ليس في طريق المدينة، وإقامته فيه 3 أيام.
استعماله صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن أبي بكر، عينا له بمكة ليأتيه بالأخبار.حتى الطعام والشراب خطط لهما صلوات الله وسلامه عليه؛ ليعلمنا كيف نطبق المفهوم الصحيح لمعنى التوكل في قوله: “اعقلها وتوكل”، ووكّل هذه المهمة الشاقة والمهمة والخطيرة إلى أسماء بنت أبي بكر الصديق، وبهذا يؤصل لنا الرسول الكريم دور المرأة الفعّال، ومشاركتها الرجل في الحياة والكفاح والنضال، من خلال أهم رحلة قام بها بشر.
حتى الطعام والشراب خطط لهما صلوات الله وسلامه عليه؛ ليعلمنا كيف نطبق المفهوم الصحيح لمعنى التوكل في قوله: “اعقلها وتوكل”، ووكّل هذه المهمة الشاقة والمهمة والخطيرة إلى أسماء بنت أبي بكر الصديق، وبهذا يؤصل لنا الرسول الكريم دور المرأة الفعّال، ومشاركتها الرجل في الحياة والكفاح والنضال، من خلال أهم رحلة قام بها بشرعلى وجه الأرض، وأسماء حامل في شهورها الأخيرة، وبذلك تستطيع أن تخبئ الطعام والشراب ولا ينتبه لها أهل مكة وهي تحمله لأبيها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك قمة التخطيط للمهمة، والاختيار الصحيح، والثقة بها رضي الله عنها وأرضاها.
طلب صلى الله عليه وسلم من عامر بن فهيرة، مولاه الذي يرعى غنمه، أن يخفي الأثر من خلفهم لتعجز قريش عن تتبع أثرهم.
وها هو سيدنا أبو بكر – رضي الله عنه وأرضاه – يمشي وراء الرسول بمسافة؛ ليحمي ظهره، وإذا لقيه الرجل يسأله وهو يشير إلى رسول الله أمامه من هذا الذي بين يديك؟ فيجيب أبو بكر: هذا الرجل يهديني الطريق.. فلا يكشف عن هوية رسول الله، فتؤذيه قريش ولا يكذب في مقولته (وإن في المعاريض لمندوحة عن الكذب).
وتشاء الحكمة الإلهية حتى يكتمل هذا الدرس الإنساني العظيم، أنه بالرغم من تمام وكمال خطة الرسول الكريم، والأخذ بالأسباب المتاحة لديه على أكمل وجهها، إلا أن الأسباب المادية لم تكن كافية، ووصلت قريش إلى الغار، وهنا يتجسد قمة كمال التطبيق لمفهوم التوكل التوكل بعد الأخذ بالأسباب، في قوله صلى الله عليه وسلم كلاما صار قرآنا: “إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock