مقالات وآراء

الاديب السفاح …كتبها لكم /سيف محمد كامل

جريدة الصوت الاخبارية

 
كتبها لكم / سيف محمد كامل
الفصل الأول : خوف في قسم الشرطة
القاهرة، مساءٌ هادئ رغم الازدحام المعتاد كان الهواء يملؤه رائحة العرق والشوارع المزدحمة بأصوات السيارات التي تتراكم في زحام الليل، لكن في إحدى الزوايا الصامتة من المدينة، كان هناك شيء آخر يسير بشكل مختلف، شيء غريب، محاط بالخيالات.
(رائد) المحقق في قسم الجريمة، كان يسير ببطء في أروقة مبنى الشرطة أصوات المكالمات الهاتفية، والشكاوى المتناثرة من مختلف الأقسام، والهمسات التي تمتلئ بالكثير من التساؤلات حول القاتل الذي يكتسح المدينة، الاثنى عشر ضحية التي سقطت خلال الأسابيع الماضية كانت تثير القلق في قلوب الجميع، وعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية كانت تبذل جهودًا مضنية للوصول إلى القاتل، إلا أن شيئًا ما كان يفلت من بين يديه، كما لو أن هناك يدًا خفية تدير اللعبة خلف الستار.
كان رائد يعرف تمامًا أن ما يحدث ليس مجرد سلسلة من الجرائم العشوائية، كان هناك نمط ما، شيء يربط بين كل ضحية.
في البداية، لم يكن الأمر واضحًا. لكن مع مرور الوقت، بدأ يلاحظ أن القاتل لا يختار ضحاياه عشوائيًا، بل كان يُنفذ جرائمه بأسلوب مُحدد، وبطريقة كانت تذكره بشيء قد قرأه في كتب الجريمة.
وبينما كان يُراجع التقارير المخبأة على مكتبه، ظهر أمامه كريم، مساعده الميداني الشاب الذي يملأ المكان بروح الدعابة رغم التوتر السائد، كان كريم قد جاء ليقدم له آخر المستجدات في التحقيق، لكنه بدا أكثر جدية من المعتاد.
“رائد، لدينا تطور جديد”، قال كريم وهو يُسقط الملف على الطاولة أمام المحقق.
“الضحايا الجدد… هناك شيء غريب في طريقة قتلهم؛ كلهم لديهم شيء مشترك.”
رفع رائد حاجبيه بنظرة استفسار’ كريم كان دائمًا ما يُظهر الكثير من الحماس في تحقيقاته، لكن هذه المرة كان يحمل معه أمرًا قد يكون أكثر من مجرد إشاعة.
“ما هو الشيء المشترك؟” سأل رائد.
كريم أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يُنطق بالكلمات التي أثارت الفزع في قلبه، وهو يرى الصورة تتضح في ذهنه؛؛
“كلهم قُتلوا بنفس الطريقة، كما لو أن هناك أسلوبًا معينًا للقاتل… وتخيل ماذا؟ يبدو أن كل جريمة تحمل تلميحًا لكتاب قديم.”
رائد شعر بشيء غريب يخطر في ذهنه “أي كتاب؟”
“عندي شعور بأن القاتل يقتبس أسلوبه من الروايات، على وجه الخصوص، روايات الجريمة، هل قرأت الجريمة والعقاب؟ أو الشياطين؟”
رائد شعر بشيء غير مريح في صدره، كان هذا شيء غريب جدًا. “تقول أن القاتل يستلهم الجرائم من الأدب؟”
“نعم، وبالتحديد من الروايات التي تتناول الجريمة والعقاب، هذه الحروف قد تكون مفتاحًا،” قال كريم، وهو ينظر إلى المحقق بنظرة تحدٍ.
رائد ظل صامتًا للحظة وهو يفكر في الاحتمالات، لم يكن يصدق ما سمعه تمامًا، لكن شيء في كلام كريم جعل عقله ينفتح على الاحتمال كان القاتل يتبع نمطًا، وهذا النمط لم يكن عشوائيًا، إنه يتبع شيئًا أكثر تعقيدًا… روايات، أفكار، فلسفات.
“إذا كان القاتل يقتبس من هذه الروايات، فهذا يعني أنه يعتقد أنه بطل في قصته.
وهو يرى نفسه كما لو أنه في رواية، حيث يُنفذ جريمته باعتبارها جزءًا من رؤية أعمق.”
قال رائد بتمعن، وهو ينهض فجأة من مكانه.
“ولكن هذا يعني أيضًا أنه يعرف كل شيء عن الأدب الجريمة، أو ربما هو متخصص في هذا المجال، ربما يكون شخصًا نعرفه.”
أضاف رائد وهو يُمسك بالملف،
في تلك اللحظة، شعر رائد أن التحقيق قد أصبح أكبر من مجرد جريمة قتل عادية إنه أصبح الآن يتعلق بشيء عميق أكثر،
شيء فلسفي ومظلم، ربما كان القاتل يستخدم الأدب كأداة لتمويه جرائمه، أو ربما كان يحاول إرسال رسالة.
ولكن ما كان يثير قلق رائد أكثر هو فكرة واحدة: القاتل كان يقتل بطريقة أدبية؟!!!
يقتبس من النصوص، ويستخدمها كخطة لجرائمه مما يعني أن كل جريمة كانت جزءًا من رواية طويلة.
في تلك اللحظة، شعر رائد بشيء قاتل في قلبه،
كانت الضحية التالية قد تكون على بُعد خطوات منه، ويجب أن يكون على أتم استعداد.
يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock