وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي: شراكة معقدة تصنع مستقبل الاتصال بقلم : طارق فتحى السعدنى برز دور وسائل الإعلام فى فترات من الزمن انها أحد أهم العناصر التي تعيد تشكيل وعي المجتمعات وتوجهاتها. لكن اللافت الآن للنظر أننا في زمنٍ أصبحت فيه التكنولوجيا شريان الحياة اليومية، وتبدو وكأنها مزيج بين صراعٍ وشراكة تعيد رسم حدود التواصل الإنساني. ففى الماضى كانت وسائل الإعلام التقليدية بمختلف أشكالها هى الجذور العميقة للتأثير قبل أن تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي المشهد، كانت الصحف والمجلات والإذاعات و التلفزيونات هي الوسائل الرئيسية لتلقي الأخبار والمعلومات. وكانت هذه الوسائل، رغم بساطتها مقارنة بما نراه اليوم، تتمتع بالمصداقية والتأثير على شريحة كبيرة من شرائح المجتمع ، حيث اعتمد الناس عليها لتشكيل آرائهم و فهمهم لما يجري في العالم. لكن تبدل الحال مع ظهور الإنترنت، وأصبحت وسائل الإعلام التقليدية تواجه تحديا كبيرا، خاصة مع السرعة الهائلة التي توفرها المنصات الرقمية لنشر المعلومات. لكننا اليوم عندما نتحدث عن التواصل الاجتماعي، فإننا نتحدث عن منصات مثل فيسبوك، تويتر، إنستجرام، و تيك توك، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. هذه المنصات ليست مجرد أدوات للتسلية أو الترفيه، بل تحولت إلى قنوات رئيسية لنشر الأخبار، التعبير عن الرأي، وحتى خلق الحركات الاجتماعية. بجانب ذلك نجد الميزة الكبرى التي قدمتها وسائل التواصل الاجتماعي هي قدرتها على جعل الجميع جزءًا من المشهد الإعلامي. ويمكن لأي شخص أن يكون صحفيا، وأن ينقل حدثا في لحظة وقوعه، مما أضاف بعدا جديدا لمفهوم الإعلام. ورغم التنافس الظاهر بين وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي، إلا أن هناك علاقة تكاملية بدأت تتشكل بينهما. وأصبحت وسائل الإعلام التقليدية تستفيد من التواصل الاجتماعي ونرى فى الآونة الأخيرة خاصة العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى تعتمد الآن على منصات التواصل الاجتماعي لنشر محتواها والوصول إلى جمهور أوسع. وسائل التواصل الاجتماعي تحتاج إلى الإعلام التقليدي: للحصول على الأخبار الموثوقة والمعلومات الدقيقة، يلجأ الناس عادة إلى المؤسسات الإعلامية التي تتمتع بسمعة قوية. رغم الفوائد الكبيرة لهذا التفاعل، إلا أن هناك تحديات خطيرة لا يمكن تجاهلها الا وهى انتشار الأخبار الكاذبة: مع سهولة نشر المعلومات، وأصبحت الشائعات والأخبار غير الدقيقة تنتشر بسرعة هائلة، مما يتطلب تدقيقا مستمرا. وهو ما ادى تراجع المصداقية واضطرت بعض وسائل الإعلام إلى ان تضحي بالمهنية سعياً وراء "التفاعل" على المنصات الاجتماعية. ونرى مع الكم الهائل من المحتوى، أصبح الناس يركزون على الأخبار السريعة بدلاً من التحليل العميق. قد يبدو المستقبل مليئا بالتحديات، لكن الفرصة سانحة لتحقيق توازنٍ صحي بين وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي. يمكن للتكنولوجيا وقتها أن تكون أداة لتمكين الإعلام من استعادة دوره التنويري، إذا تم استخدامها بحكمة ومسؤولية. وفى الختام أصبحت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في عصرنا الحديث هما وجهان لعملة واحدة . إذا تعاملنا معهما بفهم عميق ووعي كبير، حينها يمكننا أن نصنع عالما أكثر تواصلاً، وأكثر وعيا، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات المشتركة. في نهاية المطاف، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكننا الاستفادة من هذه الأدوات لبناء جسورٍ تجمع لا تفصل؟.