
#فيفى سعيد محمود
يُحتفل في مصر، كما في كثير من دول العالم،
بعيد العمال في الأول من مايو من كل عام، وهو يوم مخصص لتكريم الطبقة العاملة وتقدير جهودهم في بناء الوطن وتحقيق التنمية.
يحمل هذا اليوم رمزية خاصة، حيث يُعد مناسبة لتسليط الضوء على حقوق العمال، وتاريخ نضالهم، ودورهم المحوري في الاقتصاد الوطني.
وترجع سبب التسمية وأصل الاحتفال إلى أواخر القرن التاسع عشر،
حين اندلعت مظاهرات عمالية ضخمة في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1886، للمطالبة بتحديد ساعات العمل اليومية إلى 8 ساعات فقط.
وقد تطورت هذه الاحتجاجات لتصبح رمزًا عالميًا لنضال الطبقة العاملة.
ومنذ ذلك الحين، قررت معظم دول العالم، ومن بينها مصر، تخصيص يوم الأول من مايو من كل عام للاحتفال بـ “عيد العمال”.
وقد بدأت مصر الاحتفال بعيد العمال منذ عهد الزعيم جمال عبد الناصر،
الذي أولى الطبقة العاملة اهتمامًا كبيرًا واعتبرهم شركاء أساسيين في معركة الإنتاج وبناء الدولة الحديثة.
ومنذ ذلك الحين، أصبح عيد العمال عطلة رسمية في مصر، يُكرَّم خلالها العمال المثاليون وتُسلَّط الأضواء على إنجازاتهم، كما تُوجَّه رسائل رسمية تقديرية من القيادة السياسية.
لذلك يمثل العمال في مصر قلب الأمة النابض، فهم الذين يبنون،
ويصنعون، ويزرعون، ويقدّمون العرق والتفاني في سبيل نهضة الوطن.
ويُعد عيدهم فرصة لتجديد العهد معهم على صون حقوقهم، وتحسين بيئة العمل، وضمان حياة كريمة لكل من يحمل المعول أو يقف خلف الآلة أو يحرث الأرض.
وتتعدد مظاهر الاحتفال بعيد العمال في مصر، وتتنوع بين الرسمية والشعبية.
و على المستوى الرسمي، يُنظم احتفال كبير تحت رعاية رئيس الجمهورية، تُكرَّم فيه نخبة من العمال المثاليين الذين أثبتوا إخلاصهم وتفانيهم في العمل،
ويتم منحهم شهادات تقدير ومكافآت.
كما تُلقى كلمات من المسؤولين تؤكد احترام الدولة لدور العمال في دفع عجلة التنمية.
وتبث وسائل الإعلام برامج وأفلامًا توثق نضال الطبقة العاملة وتاريخها، وتُخصّص الصحف مقالات تبرز دور العمال في مختلف القطاعات. أما على المستوى الشعبي، فتعطَّل المؤسسات الحكومية والخاصة، ويقضي كثير من الناس هذا اليوم في راحة أو نزهات عائلية احتفالًا بالعيد.
في بعض المدارس والمؤسسات، تُقام عروض فنية وأناشيد وقصائد تمجّد قيمة العمل والعمال، تعبيرًا عن التقدير المجتمعي لتلك الفئة المكافحة.
وهناك الأعمال الفنية التي تناولت حياة ونضال عمال مصر، وسلطت الضوء على دورهم في المجتمع:
ومن أهم هذه الأعمال الفنية التي تناولت عمال مصر
فيلم “الأيدي الناعمة” (1963)
رغم أن الفيلم يتناول الفرق بين الطبقات، فإنه يبرز احترام العمل والعمال من خلال شخصية الأمير الذي يضطر إلى العمل، ويتعلم قيمة الكفاح والاعتماد على الذات.
وفيلم “الأرض” (1970) – إخراج يوسف شاهين
يحكي الفيلم عن كفاح الفلاحين والعمال في وجه الإقطاع والظلم، ويُعد من أقوى الأعمال التي سلطت الضوء على الطبقة الكادحة في الريف المصري.
أيضا فيلم “الكرنك” (1975) والذى تناول أوضاع العمال والطلاب في فترة القمع السياسي، وأبرز دورهم في الحراك المجتمعي والسعي نحو العدالة.
كما كان لفيلم “على باب الوزير” (1982) ومن بطولة عادل إمام
تأثير كبير حيث يناقش الفيلم قضايا الفساد وتأثيرها على الشباب والعمال، ويبرز أهمية أن يكون العمل الشريف وسيلة للنجاة وبناء الوطن.
ويعتبر فيلم “سواق الأتوبيس” (1982)
من أروع الأفلام التي جسدت معاناة العامل البسيط (السائق)، وكفاحه وسط الأزمات من أجل الحفاظ على عائلته وشرفه، وقد نال إشادة نقدية كبيرة.
كما عرض أيضا فيلم “يوميات نائب في الأرياف” (1969)
يعرض الفيلم واقع الفلاحين والعمال الريفيين، ومعاناتهم مع الفقر والتهميش، في إطار اجتماعي واقعي و المسلسل الإذاعي “على باب الوزير”
والذي قدم رسالة مشابهة في حب الوطن واحترام العمل، وكان له أثر كبير في نشر ثقافة تقدير العامل الشريف.
وتُعد هذه الأعمال جزءًا من الذاكرة الثقافية لمصر، وقد أسهمت في ترسيخ قيمة العمل واحترام العامل الكادح في وجدان المجتمع.