مقالات وآراء

قصة الحنين إلى الشهادة

جريدة الصوت

محمود سعيد برغش

لما أراد رسول الله صلّ الله عليه وسلم الخروج إلى بدرٍ ليقاتل المشركين ، خرج غلام اسمه عُمَيرُ بنُ أبي وقّاصٍ ، عمره ست عشرة سنة ، وكان عمير يخاف أن لا يقبله النبي صلّ الله عليه وسلم ، لأنه صغير ، فكان يجتهد أن لا يراه أحد ، وكان يتوارى .

 

حب الغلام للشهادة :

ولكن رآه أخوه الأكبر ، سعد بن أبي وقاص ، وقال له : مالك ، يا أخي ؟ لأي شيء تتوارى ؟

فقال عُميرُ : أخاف أن يردني رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، فإني صغير ، وأنا أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة .

 

وكان كما خاف عمير حدث ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى أنه صغير ، والحرب ليست من شغل الأطفال والغلمان ، وما يصنعون في الحرب ، وإنها لكبيرة على الرجال ؟ ولكن عمير ما أحب أن ينصرف ، ويقعد في البيت ، أو يلعب مع أترابه وأصدقائه في المدينة ، وإنه ليريد الشهادة في سبيل الله ! ولكم عمير لا يعصى رسول الله صلّ الله عليه وسلم أبداً .

 

حيرة عمير :

كان عمير في حيرة وحزن شديد ، فهو لم يبلغ سن القتال ، ولكنه يحن إلى الشهادة ، وإلى الموت في سبيل الله ، ويحن إلى الجنة ويراها غير بعيدة ، ولكن كيف يصل إليها ، وهو لم يصل سن القتال ؟ ، كل ذلك كان ثقل على عمير ، وكان قلبه صغيراً ، فبكى ولما بكى عمير رق قلب رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وكان الرسول صلّ الله عليه وسلم رقيقا رفيقاً فأجازه .

 

سعادة عمير ونيله الشهادة :

ولا نسأل عن فرح عمير وسروره لما أجازه النبي صلّ الله عليه وسلم ، فكأنما نال تذكرة الجنة ، وخرج عمير مع أخيه ومع المسلمين ، وكلهم كبار وأقوياء ، وكان كما أراد ، فقد قتل شهيداً في الغزوة ، وسبق كثيراً من الشبان والشيوخ ، رضي الله عن عمير وأرضاه .

 

غلمان خرجوا للقتال بإذن رسول الله :

ولما خرج رسول الله صلّ الله عليه وسلم إلى أُحُدٍ لقتال قريش ، خرج معه من المدينة غلمان يحبون الجهاد في سبيل الله ، وكانوا صغاراً ، لم يتجاوزا الخامسة عشرة من عمرهم ، فردّهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، لأنهم صغار ، لم يبلغوا سن القتال ، فيكونون كالمتاع ، ويشغلون الكبار أيضاً يراقبونهم ويحرسونهم .

 

وكان من هؤلاء الغلمان ولداً ، اسمه رافع بن خديج ، وهو دون الخامسة عشرة من عمره ، وكان يتطاول من شدة الشوق ، ليظن الناس أنه كبير ، قد بلغ سن القتال ، فلا يفطن لصغر سنه وضعفه ، ولكن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ردّه ، لأنه عرف أنه صغير ، وأنه يتطاول ، فشفع له أبوه وقال : يا رسول الله ! إن ابني رافعاً رامٍ ، فأذن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، ففرح رافعاً كثيرا لما أذن الرسول له ، وخرج مع المجاهدين ، وهو أكثر سروراً من غلمان يخرجون إلى المصلى يوم العيد في لباس جديد .

 

وكان ولداً آخر اسمه سَمُرَةُ بنُ جنُدُبٍ في سن رافع ، فعرض على رسول الله صلّ الله عليه وسلم فرده لصغره ، فقال سمرة : لقد أجزت رافعاً ورددتني ، و لو صارعته لصرعته ، فأمر الرسول صلّ الله عليه وسلم سمرة ورافع بالمصارعة ، فصرع سمرة رافعاً كما قال ، واستحق أن يسمح له بالدخول في صف المجاهدين ، فأجاز رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، سمرة للخروج ، فخرج سمرة وقاتل يوم أُحُدٍ في سبيل الله ، رضي الله عن رافعٍ ، وسمرةُ ورزقنا اتباعهما . ورضي الله عن جميع صحابة النبي محمد صل الله عليه وسلم

اللهم صل وسلم وبارك على محمد صل الله عليه وسلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock