
كتب شادي فتحي
شنت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية هجوماً واسع النطاق على أهداف داخل الأراضي اليمنية ،
في تصعيد عسكري خطير ،رداً على صاروخ باليستي واحد
أطلقه الحوثيون تجاه مطار بن غوريون في تل أبيب.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية محطات للطاقة ،
ومطار صنعاء الدولي ، ما أسفر عن دمار هائل
في البنية التحتية وتحول عدد من الطائرات المدنية على أرض المطار إلى كتل من اللهب والدخان ،
في مشهد وُصف بأنه مأساوي وغير مسبوق.
وجاء هذا الهجوم بعد يوم واحد من غارات إسرائيلية مماثلة على ميناء الحديدة وعدد من المنشآت الصناعية في اليمن،
ضمن موجة انتقام وصفت بالوحشية،
استهدفت كل ما يمكن تدميره من مواقع مدنية وعسكرية على امتداد الجغرافيا العربية.
مشهد يعكس ذروة جنون القوة الإسرائيلية التي تحولت إلى إعصار جامح يهدد الجميع ،
في محاولة تبدو وكأنها لإحياء الأسطورة القديمة عن “الجيش الذي لا يُقهر”،
تلك الأسطورة التي نسفتها حرب أكتوبر المجيدة عام 1973.
العدوان على غزة كان شرارة البداية ،
ومعه فُتحت المنطقة العربية على مصراعيها أمام آلة الدمار الإسرائيلية التي تواصل اجتياحها
بلا هوادة. أما اليوم ، فلم يعد أحد قادراً على الوقوف في وجه هذه العربدة العسكرية ،
التي تسير بلا رادع، متجاوزة كل الخطوط الحمراء،
وكأنها تسعى لطمس معالم المنطقة وتحويل دولها إلى كيانات هشّة وممزقة.
يبدو أن ما نشهده ليس سوى الحلقة الأولى في مسلسل مرعب تنفذه حكومة يمينية متطرفة ،
لا يبدو أن لها نهاية قريبة أو معروفة.
ورغم حجم الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل ، في غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان واليمن ، لم يصدر أي رد عربي حقيقي يرتقي إلى مستوى هذه التحديات. جرائم تُعد وفق القانون الدولي جرائم حرب مكتملة الأركان ، لكنها تمرّ وسط صمت دولي وتواطؤ إقليمي لا يقل خطورة عن العدوان نفسه.
وفي هذا المشهد الكارثي ، تستعد بغداد لاحتضان قمة عربية
بعد عشرة أيام ، قمة توصف بأنها عادية لكنها تنعقد في ظروف استثنائية هي الأسوأ منذ عقود ، حيث الموت والدمار يُعمان
كل زاوية من زوايا العالم العربي. ويُتوقع أن تخرج القمة ببيانات جاهزة، مليئة بالشجب والتنديد ، لا تختلف كثيراً عما سبقها ، ولا تحمل جديداً يمكن أن يغير شيئاً من الواقع. بيانات لن تتجاوز
كونها صرخات في الهواء ، لا تجد من يسمعها أو يلتفت إليها، في وقت يتمنى فيه كثيرون لو تُعفى الشعوب من عناء هذه القمم الشكلية التي لم تعد تقدّم أو تؤخر ، وتُهدر فيها الأموال على خطابات لا تحمل سوى المزيد من الخيبة.