
متابعة / محمد نجم الدين وهبي
وثّق الباحث الإسرائيلي في الثقافة العربية، الدكتور لي مردخاي، جرائم الحرب التي ارتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة، وذلك من خلال تقرير شامل بعنوان «شاهد على حرب إسرائيل وغزة» نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وقال الباحث الإسرائيلي، إن التقرير، الذي اشترك فيه 22 باحثًا خاطروا بحياتهم، يُشكل توثيقًا ممنهجًا لجرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، مشيرًا إلى أن التقرير يتألف من أكثر من 100 صفحة و1300 حاشية توثق آلاف الأدلة.
أدلة على استهداف المدنيين
ويتضمن التقرير أدلة على إطلاق النار على مدنيين يرفعون الأعلام البيضاء، وإصابات لأطفال ومسنين، بجانب استهداف كل من يسعى للمساعدة، كما يوثق الاعتداء على الممتلكات والمقدسات، وحالات تدمير منازل ومؤسسات، وحرق مكتبات وكتب مقدسة مثل القرآن، وتشويه الرموز الفلسطينية والإسلامية، وتحويل المساجد إلى مواقع للطعام.
ويشير التقرير، بحسب ترجمة نشرها موقع أمد، إلى التعذيب والانتهاكات ضد الأسرى والجثث، بجانب تصوير مشاهد الاحتفال بالدمار والموت. كما يتناول حالات سرقة ونهب الممتلكات الخاصة، ما يعزز صورة الانتهاكات المنظمة ضد المدنيين الفلسطينيين.
وبحسب لي مردخاي، يعتمد التقرير بشكل كبير على آلاف الفيديوهات والصور والشهادات التي توثق هذه الجرائم، مما يجعلها أدلة دامغة على الانتهاكات الإنسانية.
واستند التقرير إلى شهادات بعض المدنيين الذي تجرعوا الآلام جراء الاعتداءات الإسرائيلية. ومن بين الضحايا روت مريم التي استمع بكر التركماني، الباحث، إلى ثلاثة ملفات صوتية لها، تفاصيل ما حدث في 28 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وبحسب مريم البالغة من العمر 43 عامًا، فصلها جنود الاحتلال عن أطفالها الثلاثة، وعصبوا عينيها، وقيدوا ذراعيها خلف ظهرها بشرائط بلاستيكية، وضربوها على وجهها، واقتادوها خارج غزة إلى سجن في إسرائيل.
اعتداءات جنسية
في الملفات الصوتية تتحدث عن الـ 32 يوما التي تلت ذلك، والتي أجبرت خلالها على نزع حجابها وكل ملابسها أمام جنود ونساء أثناء التفتيش الجسدي.
وتتحدث عن الجنود الذين لمسوا جسدها وبصقوا عليها وركلوها وهددوها بالقتل إذا لم تعترف بالحقيقة التي كان الجنود على قناعة بها وهي أن زوجها وإخوتها إرهابيون.
وعلى مدى يومين، قامت لوزان صالح زميلة الباحث، المتخصصة في إجراء المقابلات مع ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي، بتسجيل محادثاتها مع مريم في خيمة بمخيم اللاجئين في رفح جنوب قطاع غزة، حيث تعيش مع عائلتها.
في هذا اليوم، رافق بكر التركماني لوزان صالح إلى مريم لمراجعة تجربتها مرة أخرى. ويجب عليهما معًا التأكد من أن الشهادة التي تكتبها اللجنة بناءً على تجارب مريم تنقل بموضوعية وتفصيل ومصداقية قدر الإمكان.
ومريم واحدة من العديد من النساء الفلسطينيات اللواتي تعرضن، للتحرش الجنسي والاعتداء الجنسي وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية بعد احتلال إسرائيل لغزة في أعقاب تنفيذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وباعتبارها مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، تتمتع اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة بالصلاحية والقدرة على إجراء المقابلات مع الضحايا والشهود على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت أثناء الحرب.
وقال التركماني «إن إجبار مريم على خلع الحجاب والوقوف عارية أمام الغرباء أمر مهين ومخز». مشيرا إلى أن العديد من الضحايا الإناث اللاتي تحدثنا إليهن يخشين إخبار الآخرين بما تعرضن له.
400 جريمة حرب
وبحسب التركماني، فإن شهادة مريم تشكل تقدما كبيرا في عمل الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في توثيق جرائم الحرب المحتملة في غزة.
ويقول في تقرير لصحيفة هآرتس «لقد مهدت شجاعة مريم وانفتاحها الطريق أمامنا لإجراء مقابلات مع المزيد من النساء، وبناءً على ذلك، رسم صورة لمدى التحرش الجنسي والانتهاكات التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية أثناء الحرب».
وأشار إلى أن الباحثين الـ 22 وثقوا أكثر من 400 جريمة حرب، منهم أكثر من 40 لهُم شهادات قائمة على المقابلات مثل ما حدث مع مريم.
ووفقًا لتقرير إحصائي صادر اليوم الجمعة عن وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، بلغ عدد الشهداء خلال الـ24 ساعة الماضية 32 شهيدًا و95 جريحًا، نتيجة ارتكاب الاحتلال ثلاث مجازر بحق عائلات فلسطينية، فيما لا يزال العديد من الضحايا تحت الأنقاض أو عالقين في الطرقات بسبب صعوبة وصول فرق الإنقاذ.
وأشار التقرير إلى أن الإحصائية لا تشمل مستشفيات شمال غزة، نظرًا لتعذر التواصل معها والحصول على معلومات دقيقة.
ومنذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ارتفعت الحصيلة الإجمالية إلى 44612 شهيدًا و105834 مصابًا، في ظل تصاعد العنف المستمر على القطاع المحاصر.