في واقعة وُصفت بأنها تصعيد خطير وتجاوز غير مسبوق للأعراف الدولية، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على بعثات دبلوماسية كانت متواجدة في مدينة جنين بالضفة الغربية. الحدث، الذي لم يمر مرور الكرام، أثار موجة من الإدانات الرسمية على المستويين العربي والعالمي، وطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل، ومدى انعكاس ذلك على الوضع المتأزم في غزة.
وفقًا لشهادات شهود عيان وتقارير صحفية، فإن القوات الإسرائيلية فتحت النار خلال عملية عسكرية في جنين على مركبات تحمل شعارات دبلوماسية واضحة و من بين المستهدفين، دبلوماسيون من دول أوروبية كانوا في زيارة تقصي حقائق حول الانتهاكات في الضفة الغربية، ما عزز من حساسية وخطورة الحدث.
جاءت الردود العربية سريعة وقاطعة ، وزارة الخارجية الأردنية وصفت الحادث بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي”، فيما دعت مصر إلى “تحقيق دولي عاجل ومحاسبة المتورطين” ، أما جامعة الدول العربية، فقد اعتبرت ما جرى “تحديًا للمنظومة الدولية ورسالة استخفاف بالمجتمع الدولي برمته”.
الولايات المتحدة، الحليف التقليدي لإسرائيل، أعربت عن “قلق بالغ”، فيما وصفت وزارة الخارجية الفرنسية الحادث بأنه “غير مقبول ويستدعي تفسيرًا عاجلًا”. كما عقد مجلس الأمن جلسة طارئة بطلب من عدة دول دائمة العضوية، تم خلالها التأكيد على “وجوب احترام البعثات الدبلوماسية في مناطق النزاع”.
بدأت المؤشرات تتزايد على أن إسرائيل قد تواجه عزلة دبلوماسية متصاعدة، خاصة مع تكرار انتهاكاتها للقانون الدولي ، الحديث في الكواليس السياسية الأوروبية بات أكثر وضوحًا عن “إعادة تقييم العلاقات”، وهناك ضغوط داخل عدد من البرلمانات الغربية لمراجعة التعاون العسكري والاستخباراتي مع تل أبيب.
على الصعيد الميداني، قد يؤدي تدهور صورة إسرائيل عالميًا إلى تخفيف الدعم السياسي الدولي لها في عمليتها العسكرية المستمرة في غزة ، كما من المحتمل أن تستثمر المقاومة الفلسطينية هذه الحادثة لتعزيز موقفها في المحافل الدولية، وربما تزداد الضغوط لفرض وقف إطلاق نار شامل.
من المتوقع أن تواجه إسرائيل المزيد من العزلة، وربما تتعرض لعقوبات دبلوماسية من بعض الدول الأوروبية، خاصة إذا تكررت حوادث مشابهة ، كما أن الضغط المتزايد قد يدفع بعض حلفاء إسرائيل إلى فرض شروط أكثر صرامة على دعمهم، وهو ما قد يعيد رسم خريطة المواجهة في غزة والضفة.
إن إطلاق النار على بعثات دبلوماسية ليس مجرد حادث عرضي، بل مؤشر على انزلاق خطير في سلوك دولة تدّعي احترامها للقوانين الدولية ومع تزايد الإدانات والتصعيد الدبلوماسي، يبدو أن إسرائيل تقف اليوم أمام لحظة فارقة، قد تُجبرها إما على إعادة النظر في استراتيجياتها أو المضي قدمًا نحو عزلة قد تُكلّفها كثيرًا، سياسيًا وإنسانيًا.
والسؤال هنا هل أصبحت إسرائيل دولة فوق القانون؟ أم أن العالم قرر أخيرًا محاسبتها؟ الأيام القادمة وحدها ستجيب.