صحف وتقارير

النووى الايرانى من النور الى الظل 

جريدة الصوت

بقلم: احمد شتيه

 باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى 

تتواصل العاصفة السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة وإسرائيل، على خلفية الضربة

الأمريكية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية،

وفي مقدمتها منشأة “فوردو” المحصنة تحت الأرض.

 وبينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات مثيرة أن الضربة “أنهت فعلياً البرنامج النووي الإيراني”،

تتباين التحليلات داخل مراكز القرار الأمريكية والإسرائيلية بشأن حقيقة الأضرار،

ومستقبل المشروع النووي الإيراني،

وردود الفعل الإيرانية والدولية، بعد قرار طهران تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في ظهور إعلامي على إحدى الشبكات الإخبارية الأمريكية، قال ترامب: “لقد فعلنا ما لم يجرؤ أحد على فعله، دمرنا منشأة فوردو، وأوقفنا البرنامج النووي الإيراني بالكامل، لا مزيد من التهديد النووي من طهران.”

تصريحات ترامب أثارت حالة من الجدل داخل الأوساط السياسية والاستخباراتية، فبينما يرى أنصار الرئيس ترامب أن الضربة كانت ضربة استباقية ناجحة، تشكك تقارير متعددة من البنتاغون والوكالة الدولية في حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النووية الإيرانية، خاصة أن منشأة فوردو مبنية داخل جبل ويصعب تدميرها كلياً من خلال قصف جوي تقليدي.

تضاربت التقديرات حول مدى فعالية الضربة الأمريكية ، ففي حين تشير تصريحات رسمية إلى تدمير أجهزة طرد مركزي متقدمة وتعطيل خطوط تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز، تقول مصادر استخباراتية غربية إن “الضربة ألحقت أضراراً كبيرة ولكنها لم تُنهِ البرنامج”، مؤكدة أن البنية البشرية والفنية للبرنامج لا تزال سليمة ، إيران تمتلك مواد مخصبة مخزنة في مواقع متعددة ، المكونات الأساسية قابلة للاستعادة خلال أشهر.

رد إيران جاء سريعاً وحاداً، إذ أعلنت طهران تعليق كل أشكال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنع المفتشين الدوليين من دخول المنشآت النووية، ما يمثل خطوة تصعيدية خطيرة تنذر بغياب الشفافية وعودة البرنامج إلى العمل في الظل.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن “الضربة تمثل عدواناً صريحاً على السيادة الإيرانية، وسنحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين”، مضيفاً أن تعليق التعاون مع الوكالة “هو رد طبيعي على غطرسة أمريكية خارجة عن القانون الدولي”.

داخل إسرائيل، تباينت ردود الفعل ، ففي حين رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالضربة، واصفاً إياها بأنها “خطوة ضرورية لتقليص الخطر الإيراني”، حذر خبراء أمنيون وضباط متقاعدون من أن العملية قد تسرّع توجه إيران نحو السلاح النووي بدلاً من منعه ، أحد المحللين الأمنيين الإسرائيليين صرّح لوسائل إعلام محلية: “الضربة لم تنهِ البرنامج بل زادت الإصرار الإيراني على استكماله، وقد نكون دفعنا طهران للعمل في الظلام دون رقابة دولية.”

تعيش المنطقة الآن على وقع تصعيد قد يمتد إلى ما هو أبعد من الملف النووي ، فقرار إيران وقف التعاون مع الوكالة، وتزايد التوتر بين طهران وواشنطن، وتباين التقييمات داخل الحلفاء، كل ذلك يضع العالم أمام مفترق طرق جديد.

الضربة الأمريكية، وإن حملت زخماً سياسياً وشعبوياً كبيراً خاصة في خطاب ترامب، إلا أنها لم تحسم السؤال الأخطر: هل تستطيع القوة العسكرية وحدها منع دولة تمتلك الإرادة والخبرة من استعادة قدراتها النووية؟

بينما يروج ترامب لـ”نصر نووي أمريكي” جديد، تؤكد الوقائع أن الضربة على منشأة فوردو وغيرها لم تُنهِ المشروع النووي الإيراني، بل دفعته إلى مزيد من السرية والعناد ، ومع غياب التعاون مع الوكالة الدولية، يصبح من الصعب تحديد مدى التقدم الإيراني مستقبلاً، مما يفتح الباب أمام صراعات جديدة في منطقة لم تعرف الهدوء يوماً ، ويبقى السؤال مطروحاً: هل كانت الضربة نهاية خطر، أم بداية مرحلة أخطر؟.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock