فن وثقافة

أمل الصاوي… أزهرت في صمت ورحلت في صمت

 

شريط ذكريات تقدمه : فيفى سعيد محمود

هو باب يذكرنا بالماضى يعود بنا لحقبة فنية ربما تكون انتهت وأصبحت نسيا منسيا ولكن بمجرد التفتيش فى تلك
الذكريات تعود متوهجة وتلاقى قبولا لدى قرائها ومستمعيها وتصدر آهات تحسرا عليها وأقوال كان” زمان وياااه فكرتونا
بالزمن الجميل دة””
لذلك افتح معكم ملف شريط الذكريات اليوم
مع فنانة قد لا يعرفها كثيرون، وقد تكون صورتها مرّت علينا مرور الكرام، لكن في الحقيقة لم تكن مجرد ممثلة صامتة، بل كانت رسالة تمثلت في شخص… رسالة تقول إن الإرادة قادرة على كسر كل الصعاب، وإن النور قد يخرج حتى من رحم الصمت.

ورغم أنها لم تظهر على الشاشة إلا نادرًا، و كلماتها لم تُسمع أبدًا، إلا أن ملامحها البريئة ونظراتها الصادقة حفرت لنفسها مكانًا في قلوب المشاهدين، واستحقت أن تُذكر في تاريخ الفن كرمز للإرادة والإبداع والتمثيل الصامت. إنها الفنانة الراحلة أمل الصاوي، التي جسدت شخصية “وفاء” في فيلم الصرخة، وتركت بصمة خالدة في تاريخ السينما رغم عمر فني قصير وصوت لم يُسمع.

**” من الطفولة إلى التحدي
———-

وُلدت أمل حسين الصاوي في 25 سبتمبر 1973، وكانت طفلة طبيعية كباقي الأطفال، إلى أن تعرضت لحادث مأساوي وهي في سن صغيرة؛ حيث سقطت من فوق السرير، فأصيبت بشرخ في الجمجمة، وفقدت على إثره السمع والكلام.

رغم هذه المحنة، لم تتوقف الحياة عند أمل.

فقد التحقت بإحدى مدارس الصم والبكم، وتعلمت كيف تتواصل وتعيش وتتعلم، وكانت فتاة جميلة هادئة ذات عينين لامعتين، تحمل في قسمات وجهها براءة الطفولة وهدوء الروح.

*** الانطلاقة الفنية: “الصرخة” الذي لم يحتج إلى صوت
———-

عام 1990، زار المخرج محمد النجار والكاتب كرم النجار مدرسة الصم والبكم لاختيار وجه جديد لفيلم “الصرخة”، الذي يتناول قضايا ذوي الهمم.

لم يحتج الأمر كثيرًا لاكتشاف موهبة أمل الصاوي؛ فقد كانت النظرة الأولى كافية لاختيارها لتجسيد شخصية “وفاء” البطلة الصامتة التي تقع في حب “عمر” (نور الشريف).

عُرض الفيلم في 23 ديسمبر 1991، ولاقى نجاحًا فنيًا وإنسانيًا كبيرًا. أمل لم تنطق بكلمة واحدة طوال الفيلم، لكنها قالت كل شيء بعينيها، ونجحت في إيصال مشاعرها للجمهور والنقاد، كأنها فنانة محترفة قضت سنوات أمام الكاميرا.

شاركت أمل البطولة مع كوكبة من النجوم مثل نور الشريف، معالي زايد، نهلة سلامة، يحيى الفخراني (ضيف شرف)، ووفاء الحكيم، وكان الإخراج لمحمد النجار، والسيناريو والحوار لكرم النجار.

**أعمال درامية قليلة… لكن مميزة
————–

بعد نجاح “الصرخة”، شاركت أمل في مسلسل “سور مجرى العيون”، الذي عُرض عام 1993، من تأليف كرم النجار وإخراج رضا النجار، وبطولة محمود ياسين وسناء جميل وهالة صدقي ونبيل الحلفاوي.

أظهرت فيه مرة أخرى قدرتها على التمثيل دون الحاجة للكلام، معتمدة على تعبيراتها وصدقها التام في الأداء.

 

كما شاركت في مسلسل سعودي بعنوان “همزة وصل”، لم يُعرض على الشاشات المصرية، رغم أنه ضم عددًا من النجوم المصريين مثل مديحة يسري، ليلى طاهر، كمال أبو ريا، بثينة رشوان، وهو ما يُظهر أن موهبتها تخطت الحدود الجغرافية.


** الزواج والاعتزال
————

في ذروة نجاحها، قررت أمل الصاوي أن تختار الأسرة بديلًا عن الفن. تزوجت من زميل لها من ذوي الهمم، وكان رجلًا محافظًا، طلب منها التفرغ للبيت، فاستجابت برضى وحب أنجبت ولدين: محمد وأحمد، وحرصت على تعليمهما حتى تخرّجا من الجامعة، لتثبت مرة أخرى أنها سيدة عظيمة، ليست فقط أمام الكاميرا، بل وخلفها أيضًا.

**الرحيل الصامت
————–

في عام 2020، أُصيبت أمل بمرض مفاجئ، لم يستمر أكثر من شهرين، قبل أن ترحل عن عالمنا في 27 يونيو 2020 عن عمر 47 عامًا، بهدوء يشبه أدوراها، وصمت يشبه حضورها.

ورحلت كما عاشت… بصمتٍ مؤثرٍ لا يُنسى.

وتبقى التساؤلات تحاوطنا وتشغل تفكيرنا

لماذا أمل الصاوي خالدة؟

لأنها قدمت دورًا خالدًا في عمل فني وحيد أظهر لنا شريحة مهمشة ويتم التنمر عليها ولفتت أنظار العالم إليها

وأثبتت أن الفن الحقيقي لا يحتاج لصوت… بل لصدق.
و

لأنها كسرت القاعدة وأثبتت أن ذوي الهمم قادرون على الإبداع وتجاوز الحواجز.
و

لأنها إنسانة كرّست حياتها بعد الفن لأمومتها وأسرتها وتعليم أولادها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock