
بقلم / محمد نجم الدين وهبي
يقسو القلب حين تذهب الرحمة واللين، والخشوع منه، فقسوة القلب هي شدّته وغلظته، وقد عرّف ابن تيمية رحمه الله القلب القاسي فقال: هو القلب الجامد اليابس كالحجر لا ينطبع عليه، ولا يسكنه الإيمان والعلم؛ لأن ذلك يحتاج قلباً ليناً، وحذّر الله -سبحانه وتعالى- من قسوة القلب فقال: (أَفَمَن شَرَحَ اللَّـهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّـهِ أُولَـئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ .
ويعد غليظ القلب غالباً ما يتصلب مشاعره، ويجد صعوبة في الشعور بالتعاطف أو الرحمة أو الشفقة.
و تعني “غلظاء القلوب” هم “الأشخاص الذين لديهم قلوب قاسيه” والذين لديهم هذه الصفة يتميزون بالخشونة، والصلابة في التعامل مع الآخرين، وغياب الرحمة والتعاطف، قد يميلون إلى التعامل مع الناس بقسوة، وخاصةً مع الضعفاء والمساكين.
وقد نرى افعال البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي والسوشل ميديا من ضرب الاطفال بطريقة وحشية او رمى الاطفال حديثي الولادة او اب يقتل ابنائه بدم بارد وكانه لا يمت لهم بصلة او شخصاً يقوم بضرب أطفال ويشتمهم ويركلهم بوحشية، غير مبالٍ بصراخهم وتوسلاتهم إليه ليسامحهم.
كل تلك الافعال قد تأثر على الطفل وتجعله يكتسب سلوك عدواني، ويصبح عنده عدم ظبط للنفس، وعصيان وعدم تواصل حضاري مع الآخرين: «من الممكن أن يدفع الضرب الطفل إلى ممارسة العنف مع الآخرين وأن يقوم بحل المشكلات التي تواجهه من خلال العنف، حيث يزيد عنف الطفل تجاه الآخرين كلما ازداد العنف الذي يمارسه الآباء ضد أبنائهم، وأكد على أن الطفل سيصبح شخصية لديها جنوح وعدوان اتجاه المجتمع .
ومن اسباب غلظة القلب كثرة الذنوب إذا أذنب العبد وكثرت ذنوبه وضعت غشاءً على قلبه حتى يصير قاسياً، وإذا خلا القلب من الذنوب صار ليناً، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (إنَّ المؤمِنَ إذا أَذنَبَ كانتْ نُكتةٌ سَوداءُ في قلْبِه، فإنْ تابَ ونَزَعَ واستَغفرَ؛ صُقِلَ قلْبُه، وإنْ زادَ زادَتْ، حتَّى يَعلوَ قلْبَه ذاكَ الرَّينُ الَّذي ذَكَر اللهُ -عزَّ وجلَّ- في القرآنِ: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
والغفلة عن ذكر الله، وعدم الخشوع، وعدم التأثر بكلام الله والمواعظ الإيمانية، وقلة الحياء من الله، وقلة الخوف منه، وعدم المبالاة باقتحام المناهي، وترك أعمال البر وأبواب الخير، وعدم الرحمة بالخلق، ووحشة يجدها العبد في قلبه مع ربه .
فإن قسوة القلب أعاذنا الله منها متفاوتة، فمنها ما يوقع العبد في المعاصي والمحرمات، ومنه ما هو دون ذلك، فمتى أوصلت قسوة القلب صاحبها إلى ارتكاب المحرمات، أو ترك الواجبات فإنه يأثم بذلك، وإلا فلا، وإن كان ينبغي عليه بذل وسعه للتخلص من هذا المرض المذموم عمومًا، مع التوكل على الله في حصول ذلك، فهو سبحانه مقلب قلوب العباد، وقلوبهم بين أصابعه، يقلبها كيف يشاء.