
بقلم: نيفين صلاح
في خطوة لم تفاجئ المراقبين، قرر البنك المركزي المصري الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الرابع لعام 2025، مفضلاً الوقوف عند مفترق الطرق، ومراقبة المشهد الاقتصادي المحلي والعالمي عن كثب، قبل أن يخطو خطوة جديدة في طريق السياسة النقدية.
القرار جاء ليؤكد أن المركزي لا يهوى المغامرة، خاصة في وقت تموج فيه المنطقة بالتوترات الجيوسياسية، بينما تلوح في الأفق زيادات مرتقبة في أسعار الكهرباء والغاز قد تعيد إشعال نار التضخم من جديد.
أبقى البنك أسعار الفائدة الأساسية عند 24% للإيداع، و25% للإقراض، و24.5% للعملية الرئيسية وسعر الخصم، بعد أن كان قد خفّضها بمجموع 325 نقطة أساس في الاجتماعين الماضيين، في أول تحرك تيسيري منذ أكثر من أربع سنوات.
وفي بيانه الرسمي، لم يخفِ المركزي قلقه من تأثيرات تعديلات ضريبة القيمة المضافة، ومن انعكاسات السياسات المالية الأخيرة على السوق، مشددًا على أن التريث حالياً يتيح الوقت الكافي لقراءة المشهد بدقة.
ورغم أن معدل التضخم السنوي في المدن تراجع إلى 14.9% في يونيو، إلا أن القلق ما زال قائمًا، فكل من الكهرباء والغاز الطبيعي على موعد مع الزيادة، ما يعني أن فاتورة المعيشة للمواطن قد ترتفع مجددًا، ومعها تعود موجة تضخمية جديدة يصعب احتواؤها.
في الخلفية، يطلّ صندوق النقد الدولي بتوصياته، داعيًا إلى الحذر في خفض الفائدة، خصوصاً مع حالة الغموض العالمي بعد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول الرسوم الجمركية، مما يهدد حركة التجارة الدولية.
ومع دمج مراجعتَي الصندوق الخامسة والسادسة إلى سبتمبر المقبل، بات واضحاً أن مصر مطالبة بتحقيق خطوات ملموسة في برنامج الإصلاح الاقتصادي قبل أن تحصل على الشريحة التالية من قرض الـ8 مليارات دولار.
رغم كل هذا، يرى بعض المحللين أن الأمل ما زال قائمًا، ويتوقعون أن يبدأ المركزي في خفض جديد للفائدة في أغسطس، إذا هدأت الأوضاع السياسية، واستقر الجنيه عند حدود 48 مقابل الدولار، وعادت الملاحة في قناة السويس لسابق عهدها.
البنك المركزي، بتثبيته للفائدة، لم يكن متحفظًا فقط، بل كان حريصًا على توجيه رسالة إلى السوق: نحن هنا، نراقب، ندرس، ونختار الوقت المناسب للتحرك، دون اندفاع أو تردد.
ففي عالم تتغير فيه الأسعار والقرارات في لمح البصر، يبقى التوازن هو الكلمة المفتاحية… وهو ما يبدو أن البنك المركزي المصري يسعى إليه بكل دقة.