مقالات وآراء

لا تقتلوا أولادكم

جريدة الصوت

 

بقلم / محمد جمعة سلامة

هل يقتل الرجلُ أولاده ؟! أو تقتل الأمُّ أولادها ؟!
قد يتساءل من يصدمه العنوان ويعود به إلى جاهلية ما قبل الإسلام وينفذ إلى مخيّلة القارئ الكريم أننا عدنا إلى ذلك العصر الذي كان الآباء يقتلون فيه أولادهم خوفا من الفقر والعار …. ولكنّ مقصدي ليس ذلك

إنّما المقصود أن يقتل الآباء أولادهم وهم لا يشعرون
أن يقتلوا أولادهم بالتعبير الزائد عن الفرحة بهم أمام الآخرين .
أن يقتلوا أولادهم بالإعجاب الزائد بنشاطهم ومواهبهم أمام الناس.
أن يقتلوا أولادهم بتصويرهم وإظهار جمالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

دعونا نتفق أنّ مرحلة الطفولة هي أجمل مراحل الإنسان في حياته ، حيث البراءة والطبيعة والدعابة والجمال وزيادة الحركة والذكاء والاكتشاف وغيرها من الأشياء الجميلة في تلك المرحلة الأروع في حياة الإنسان والتي دائما ما يعشق الآباء والأمهات متابعتها ومراقبتها وللأسف تدوينها وتسجيلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي أصبحت طبيعة وجزءا من حياتنا .

دعونا نتفق أيضا أنّه ليس كل الأطفال على قدرٍ متساوٍ
من الصفات السابقة فليس كلهم غاية الجمال، وليس كلهم غاية الذكاء، وليس كلهم كثير الحركة والاكتشاف
وليس كلهم قوي الحفظ ، وذلك ما ينتج المشاعر السلبية غير السوية عند من لايملك أبناؤهم نفس الصفات الجميلة .

دعونا نتفق وهذا هو الأهم على أنّ الأطفال هم أكثر عرضة للإصابة بالعين والحسد بعد كل مايفعله الآباء بهم
من إظهار مهاراتهم وجمالهم وذكائهم وتميزهم عن أقرانهم أمام الآخرين بكل الطرق التى ذكرت سابقا وأخطرها على الإطلاق وسائل التواصل.

وقد يحدث نتيجة ذلك مالا يحمد عقباه من انتكاسات للأطفال وأمراض نفسية وعضوية مثل رفض الأكل والبكاء المستمرّ ورفض التعلّم وفقدان الصفات والمهارات التي كان يتمتع بها الطفل والتي كانت محط الأنظار ، فيفقدها تدريجيا دون معرفة السبب ، ولا أبالغ إن قلت أبعد من ذلك فكل شئ وارد وكل شئ محتمل .

وإن كنت أؤمن أنّ العين لا تسبق القدر ، لكنّ الله علّمنا وجوب الحرص واتخاذ الحذر ،
فقد قال تعالى على لسان نبيّه يعقوب عليه السلام : “قال يابنيّ لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ”
وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:” إنّ العين لحق ”
وقال أيضا: “أنّها تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القِدر”

وللأسف فإن الكثير من الآباء والأمهات لاينتبهون لهذه الأشياء ويمدحون ويفخرون بأبنائهم ويذكرون محاسنهم ومغامراتهم وصفاتهم المتميزة أمام ضعاف النفوس ولا يعرفون شيئا عن خطورة ما يفعلون بأبنائهم

وهؤلاء هم من أوجّه لهم كلماتي فإنه ليس فى حياتكم أغلى من فلذات الأكباد فلا تضيّعوهم ولا تقتلوهم بإظهار محاسنهم وصفاتهم الجميلة أمام الناس ولا حتى بإظهار حبّكم لهم واهتمامكم بهم وحافظوا عليهم
ولا تقدّموهم فريسة لكل حاسد وكل حاقد … وإن اضطررتم فعليكم بتحصينهم بكلمات الله وبذكر الله ؛ ” فاللهُ خير ٌ حافظاً وهو أرحمُ الراحمين “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock