عربي وعالمي
زيارة نتنياهو إلى أمريكا رحلة انقاذ سياسى وتداعيات متشابكة على مصر والشرق الأوسط
جريدة الصوت

بقلم احمد شتيه
تكتسب زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل،
إلى الولايات المتحدة الأمريكية زخمًا إعلاميًّا وسياسيًّا،
لا سيما مع تركيزها على تعزيز التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب،
وتباحث سُبُل مواجهة التهديدات الإقليمية،
وعلى رأسها البرنامج النووي الإيراني.
لكن وراء كواليس هذه الزيارة،
تبرز تساؤلات حول انعكاساتها على مصر ودول المنطقة،
التي تتأثر بشكل مباشر بتقلبات التحالفات الدولية وتوازنات القوى.
في ظلّ تصاعد التحديات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
تأتي الزيارة في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تحولات جذرية،
تُعتبر مصر لاعبًا محوريًّا بسبب موقعها الجيواستراتيجي،
ودورها التاريخي في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين،
وتشعر مصر بقلق متزايد إزاء أي تحركات أمريكية-إسرائيلية من شأنها تقويض حل الدولتين،
خاصة مع تصريحات نتنياهو المتكررة برفض التفاوض على أساس حدود 1967.
وقد عبّرت القاهرة مرارًا عن رفضها لأي إجراءات أحادية تمسّ الحقوق الفلسطينية،
مثل توسيع المستوطنات وتهجير الفلسطينيين وتعديات المستوطنينعلى المسجد الأقصى.
وفي حال حصلت إسرائيل على دعم أمريكي لسياساتها الأحادية،
سيتعيّن على مصر أن توازن بين التزامها بالدفاع عن القضية الفلسطينيــة وحاجتها للحفاظ على التعاون الأمني مع واشنطن .
من ناحية أخرى، تعتمد مصر على الدعم الأمريكي في مجالات مثل القروض الدولية ومشروعات التنمية وصفقات السلاح ووالتعاون الاستراتيجى ، أي دعم أمريكي لتعزيز التفوق العسكري الإسرائيلي قد يزيد من عدم التوازن الإقليمي، مما يضغط على مصر لتطوير قدراتها الدفاعية، ربما عبر شراكات بديلة مع دول مثل روسيا أو الصين.
إذا أدت الزيارة إلى تصعيد المواجهة مع إيران، فقد ينعكس ذلك على أمن البحر الأحمر وقناة السويس، وهما شريانان حيويان للاقتصاد المصري. كما أن أي موجة عنف جديدة بين إسرائيل وحماس في غزة ستربك الجهود المصرية لإعادة الإعمار وتهدئة الأوضاع.
لا تقتصر تداعيات الزيارة على مصر، فالدول العربية المطبّعة مع إسرائيل (مثل الإمارات والبحرين) ستترقب تحركات واشنطن لقياس مدى استعدادها للضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات للفلسطينيين، وهو ما طالما كان شرطًا ضمنيًّا لاستمرار التطبيع. في المقابل، قد تُشجّع الزيارة دولًا أخرى على الانضمام لمسار التطبيع دون ضمانات سياسية، مما يزيد من الاستقطاب بين المحورين العربي المُطَبِّع والرافض.
أما الدول المعارضة للتطبيع (مثل الجزائر ولبنان)، فسترى في التحالف الأمريكي-الإسرائيلي الجديد تأكيدًا على انحياز واشنطن الذي يُعمّق أزمات المنطقة.
في تحليلٍ لمركز القاهرة للدراسات السياسية تُرى الزيارة كجزء من استراتيجية أمريكية لإحكام السيطرة على الشرق الأوسط عبر دعم الحلفاء التقليديين، لكن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية إذا أُهملت مطالب الشعوب العربية، خاصة في فلسطين.
الشرق الأوسط اليوم عند مفترق طرق إما أن تؤدي التحالفات الجديدة إلى تفكيك القضايا العالقة، أو تُفتح نافذةٌ للدبلوماسية المتعددة الأطراف. والنجاح يعتمد على مدى قدرة اللاعبين الرئيسيين، مثل مصر، على تحويل التحديات إلى حلول فعلية على الارض بما لا يضر امنها القومى وثوابتها اتجاه القضية الفلسطينية.