
بقلم/ محمد جمعة سلامة
قد يكون من أكبر الشدائد التي نواجهها فى حياتنا ، وأعظمها تأثيرا على قلوبنا فى هذا العصر هو ” الانكسار أمام أولادنا ” والعجز عن تلبية متطلباتهم .
فقد اختلفت المفاهيم والأمور عن كل الأجيال والعصور السابقة التى لم تكن تهتم بما يأكله الآخرون أو يرتديه أو يجلبونه لأطفالهم في أي مناسبة من مناسبات العام.
لأنه ببساطة شديدة لم تكن في تلك الأجيال” ثقافة المقارنة ” ، التى تجعلني أصرّ على أن تكون ملابسي مثل ملابس زميلي ” ابن فلان ” أو طعامه أو أسلوب حياته .
بالإضافة إلى أن المستويات لم تكن متفاوتة إلى هذا الحدّ الذي نراه الآن ، فقد كانت متقاربة ولو لبعض الشئ ممّا كان يجعلنا وغيرنا لا نشعر بأي اختلاف عن أقراننا.
أمّا الآن وقد تفاوتت المستويات واتسعت الفروق وانتشرت التكنولوجيا ووسائل الإعلام التي جعلت الطفل يعرف كل مايدور حوله من أحداث ومناسبات ويعرف المطلوب لكل مناسبة وبالطبع كل مناسبة تختلف عن غيرها .
فملابس الأعياد تختلف عن ملابس المدارس ، وأطعمة آخر الأسبوع تختلف عن بقية الأيام ، وصار معظم أيّام العام مناسبات ومتطلبات وأعباء يعاني منها معظم الآباء.
فالأبّ مُطالَب بأن يحقق مَطالِب أبنائه أو بناته التي يرونها أبسط الأشياء بالنسبة لوالدهم ولا يعرفون كمّ المعاناة التي يواجهها فى سبيل تحقيق أحلامهم، لأنّ كل تصوّر الطفل أنه
” إذا استطاع والد صديقي تحقيق متطلباته ، فإنّ والدي يستطيع مثله وأكثر “.
وإن كنت لا أريد أن أذكّر القارئ الكريم بقصّة “بائع غزل البنات ” والتى كانت منذ بضعة أشهر حديث الشارع المصري ، فما رأيناه من فعل ذلك الرّجل الطيب المحترم وهو يلقي بأكياس الحلوى فى الشارع ما هو إلا حزن وانكسار ، وخوف من مواجهة أولاده المقبلين على العيد بفرح مثل بقيّة الأطفال وهو لا يستطيع أن يصنع لهم شيئا مثل أقرانهم ختاماً أذكّر أنّنا على أعتاب شهر رمضان الكريم المبارك أعاده الله عليكم جميعاً بكلّ الخير وبكلّ اليُمن والبركات .
فيا أيّها الغني القادر ، لا أقول لك اعطف أو أحسن إلى جارك غير القادر ، و إن كان ذلك واجبٌ عليك إن استطعت ، ولكن أوصيك بتنفيذ أبسط حقوق الجار وهو ألاّ يفخر أولادك أمام أولاده بما تجلبه لهم من ملابس وأطعمة وفواكه متعدّدة .
فتتسبب فى انكسار رجل أمام أبنائه لأنه يعجز عن إسعادهم كما تسعد أولادك.
وياأخي الكريم صاحب الهمّ ؛ لا تحزن واعلم أنه ليس بعد العسر إلا اليسر وليس بعد الضيق إلا الفَرَج ؛ وأكثِر من دعاء الله عزّ وجلّ بالستر فى الدنيا والآخرة لعلّه يغيّر حالك إلى أفضل ماكنت تظنّ وكنت تتوقّع ؛ فهو دائما عند ظنّ عباده به .
” اللهمّ لا تكسرنا ولا تعجزنا ولا تحزننا أمام فرحة أولادنا “