مقالات وآراء

الأخلاق: الأساس الذي يقوم عليه المجتمع

جريدة الصوت

بقلم محمد الرفاعي
في عصر تتسارع فيه الأحداث والتغيرات، تبدو الأخلاق وكأنها حجر الزاوية الذي يضمن إستقرار
المجتمعات واستمرارها. لكن عندما تتراجع القيم الأخلاقية، تتعرض المجتمعات لأزمات عميقة
قد تصل إلى فقدان الهوية والإنهيار الإجتماعي. لذلك، تبقى الأخلاق في أي مجتمع هي الدليل
الأول على تقدمه، وغيابها هو مؤشر على تدهوره.

 

الأخلاق في القرآن والسنة
قال الله تعالى في كتابه الكريم: “إِنَّك لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ” (القلم: 4)، في إشارة إلى
أهمية الأخلاق في بناء الشخصية الإنسانية. كما جاء في الحديث النبوي: “إنما بعثت لأتمم مكارم
الأخلاق”،
مما يؤكد أن الأخلاق ليست مجرد طرف إجتماعي، بل هي ضرورة حيوية لكل فرد.

 

الحوادث المجتمعية الأخيرة: كيف تظهر أزمة الأخلاق؟
في الأيام القليلة الماضية، تعرضنا لعدة حوادث مأساوية تبرز غياب بعض القيم الأخلاقية
وتؤكد الحاجة الملحة لإعادة النظر في المبادئ التي تحكم تعاملاتنا اليومية.
سنعرض بعضها هنا لتوضيح كيف يتدهور المجتمع عندما تغيب الأخلاق.

 

حادثة مقتل الطفل أدهم في كفر الشيخ: إهمال وسوء تقدير
في 7 مايو 2025، إنتشرت أخبار مقتل الطفل أدهم حلمي في بلطيم بمحافظة كفر الشيخ
بعد إصابته بطلق ناري في الرأس خلال لعبه مع أصدقائه. الحادث كان نتيجة إهمال صارخ
من قبل أحد الأطفال الذي كان يعبث بسلاح ناري يعود لوالده، مما يسلط الضوء على غياب
الوعي الأخلاقي لدى الأسر في التعامل مع الأسلحة.

 

هذه الحادثة تُظهر غياب المسؤولية والرقابة في حياة الأطفال،
حيث يتعامل البعض مع الأسلحة كما لو أنها مجرد أدوات غير خطيرة،
مما يؤدي إلى مآسي كبرى لا يمكن إصلاحها.
حادثة روان ناصر في جامعة الزقازيق: سقوط ضحية الإهمال الأكاديمي
في حادث آخر مؤلم، لقيت الطالبة روان ناصر من جامعة الزقازيق مصرعها بعد سقوطها من الطابق الرابع داخل حرم الجامعة في 4 مايو 2025. ورغم أن الحادث ما زال قيد التحقيق، إلا أن تفاعل الطلاب مع الحدث كشف عن إشكالية كبيرة في تعامل الإدارة الجامعية مع سلامة الطلاب. فقد إندلعت مظاهرات للمطالبة بالكشف عن ملابسات الحادث وضمان ألا يتكرر.
التعامل مع المواقف اليومية: عندما يغيب الوعي الأخلاقي
الأخلاق لا تظهر فقط في الحوادث الكبرى أو الجرائم، بل هي سلوك يومي ينعكس في تعاملاتنا البسيطة. فمثلاً، في الأيام الماضية، تحدثت بعض الصحف عن إنتشار ظاهرة الغش في الإمتحانات داخل المدارس والجامعات. ظاهرة الغش ليست مجرد مخالفة قانونية، بل هي مؤشر على تدهور أخلاقي، حيث يعتقد بعض الطلاب أن الحصول على النجاح بأي وسيلة هو حق مشروع، حتى ولو كان ذلك على حساب الجهد والجدية.
وفي حادثة أخرى، انتشرت أخبار عن اعتداء أحد الشباب على امرأة مسنّة في الشارع، وسط تواطؤ من المارة الذين لم يتدخلوا لإيقافه. هذه الحادثة تعكس غياب الإنسانية والضمانات الأخلاقية التي تحفظ كرامة الإنسان.
الأخلاق والمجتمع: كيف يمكن العودة؟
إذا أردنا تحسين حال المجتمع، يجب أن نتبنى الأخلاق كنمط حياة يومي، وليس مجرد مبادئ نرددها في المناسبات. على الأفراد أن يتحملوا مسؤولياتهم، ويكونوا قدوة للآخرين في التصرفات الصحيحة.
من الضروري أن تبدأ التربية الأخلاقية في المنازل قبل المدارس، فالأسرة هي أول مكان يتعلم فيه الفرد القيم الإنسانية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يعزز الإعلام من القيم الإيجابية ويبتعد عن تمجيد السلوكيات السلبية مثل العنف والغش.
كيف تصبح مجتمع أكثر أخلاقية
إن الأخلاق ليست مجرد أفكار نظرية، بل هي أساس لبناء مجتمع قوي وآمن. نحن بحاجة إلى إعادة النظر في قيمنا وتوجيه جهودنا نحو تعزيزها، سواء في المنزل أو المدرسة أو في مكان العمل. إذا تمكنا من بناء مجتمع يقدر الأخلاق، سيكون لدينا مجتمع أكثر تماسكًا وأقل عرضة للتفكك الإجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock