
بقلم ـ محمـــد الدكـــروري
الحمد لله كما يحب ربنا ويرضى على آلائه ونعمه التي لا تعد ولاتحصى وأشهد أن لا إله الاالله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا هو محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم هو نبيه المصطفى ورسوله المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه ماذكره الذاكرون الأبرار وما تعاقب الليل والنهار وعلى صحبه الأخيار وأتباعه الأطهار أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن شهر المحرم، ولقد ذكر النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم شهر المحرم، وحث على الإكثار من الصيام فيه، وسماه شهر الله، وهذا يبرز شيئا من فضائل شهر المحرم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة فى جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم” رواه مسلم.
وقد وقع في هذا الشهر أحداث عظام في هذه الأمة، وفي غيرها من الأمم، كان لها آثار عظيمة ونتائج مؤثرة، ومن أهم ما حدث في شهر المحرم، وخاصة يوم عاشوراء، إهلاك فرعون، ونجاة نبي الله موسى عليه السلام، ولقد كان دخول ملحمة كربلاء إلى ساحة الشعر والأدب من جملة أسباب بقائها وديمومتها، وذلك لأن قالب الشعر النافذ يوصل بين القلوب وبين حادثة عاشوراء، ويجعل القلوب والمشاعر أكثر التصاقا بتلك الواقعة، وأن هناك صلة متبادلة بين الشعر وعاشوراء وكل منهما مدين للآخر بالبروز والبقاء، وإن تقديم صيام تاسوعاء على عاشوراء له حِكم ذكرها العلماء منها أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر، وأن المراد وصل يوم عاشوراء بصوم، والاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط، فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر.
ويستحب التوسعة على الأهل يوم عاشوراء لما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته” أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وقال ابن عيينة قد جربناه منذ خمسين سنة أو ستين فما رأينا إلا خيرا، وأما غير التوسعة مما يحدث من مظاهر لم ترد في الشرع كضرب الجسد وإسالة الدم من بعض الشيعة بحجة أن الحسين رضي الله عنه قتل وآل بيته رضي الله عنهم جميعا وعليهم السلام في هذا اليوم، فهو بدعة مذمومة لا يجوز إتيانها، وقد قالت دار الإفتاء إنه يجوز صوم يوم عاشوراء منفردا، ولا حرج في ذلك شرعا لأنه لم يرد نهي عن صومه منفردا، بل ورد ثبوت الثواب لمن صامه ولو منفردا، ولكن يستحب صوم يوم التاسع من شهر المحرم مع يوم عاشوراء.
وقد ذهب الحنفية إلى أن إفراد يوم عاشوراء بالصوم مكروه كراهة تنزيه، وأنه قد أشار فى القسم السادس وهو المكروه فهو قسمان، مكروه تنزيها، ومكروه تحريما، فالأول الذي كره تنزيها كصوم يوم عاشوراء منفردا عن التاسع أو الحادي عشر، وبناء عليه فيجوز صوم يوم العاشر من شهر الله المحرم منفردا، ويستحب مع ذلك صوم يوم قبله أو يوم بعده خروجا من الخلاف، والله سبحانه وتعالى أعلم، وأن الله تعالى جعله زمانا لقبول التوبة وإجابتها فعن الإمام علي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن كنت صائما شهرا بعد رمضان فصم المحرم، فإنه شهر الله، فيه تاب على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين” رواه ابن أبي شيبة والترمذي، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلنه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.