
بقلم احمد شتيه
باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى
في مشهد يعكس تخبطًا واضحًا في إدارة الملف الإنساني في قطاع غزة، أعلنت شركة الأمن الأمريكية الخاصة، التي تعاقدت معها إسرائيل لتأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، انسحابها المفاجئ اليوم من مهامها، بعد فشلها في تنفيذ المهمة خلال ساعاتها الأولى على الأرض.
الشركة، التي وصلت ضمن اتفاق مع الحكومة الإسرائيلية لإدارة عملية توزيع المساعدات ، واجهت فوضى عارمة وعدم قدرة على السيطرة على المشهد، ما أدى إلى تعطّل التوزيع وتجمّع آلاف المدنيين في انتظار ما تبقى من الغذاء والدواء.
وتداول نشطاء وصحفيون صورًا توثق لحظات الانسحاب العشوائي، وسط حالة من الذعر والارتباك في صفوف الفريق الأمني.
مصادر ميدانية أفادت بأن الشركة لم تتمكن من إقامة أي خطوط توزيع آمنة، كما فشلت في التنسيق مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية، ما أدى إلى وقوع اشتباكات فوضوية بين المحتاجين حول المساعدات التي أُلقيت بشكل عشوائي من الشاحنات.
وعلى إثر ذلك، قررت الشركة وقف عملياتها والانسحاب الكامل من القطاع، مخلفة وراءها حالة من الغضب والاستياء الشعبي والدولي.
منظمات إنسانية حمّلت إسرائيل مسؤولية ما وصفته بـ”الاستهتار بأرواح المدنيين”، نتيجة تعاقدها مع جهة أمنية تفتقر إلى الخبرة في إدارة الكوارث الإنسانية، بينما طالب مسؤولون أمميون بإعادة النظر فورًا في آلية إيصال المساعدات، ونقل الإشراف إلى جهات مختصة تابعة للأمم المتحدة.
هذا الانسحاب يسلط الضوء على عمق الأزمة الإنسانية في غزة، ليس فقط بسبب الحصار والقصف، بل أيضًا بسبب فشل المنظومة الدولية والإسرائيلية تحديدًا في إدارة ملف المساعدات بشكل إنساني وكفؤ.
في وقت يموت فيه الأطفال جوعًا ومرضًا، يبقى السؤال الأهم: من يتحمل ثمن هذه الفوضى؟ وهل يُسمح بتكرار هذه الكارثة باسم “الأمن” مرة أخرى؟