مقالات وآراء

السقوط في بئر سبع

جريدة الصوت

 

بقلم احمد شتيه 

باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى

 

ليس اسم المسلسل الشهير الذى قام ببطولته الفنان الراحل سعيد صالح والذى لازال عالق فى ذاكرة المصريين وتحدث عن احد عمليات المخابرات المصرية ، ضد احد اخطر الجواسيس الذى سرب معلومات خطيرة لاسرائيل ، فى الفترة ما بعد نكسة ٦٧ ولكن السقوط هنا اشارة للصواريخ الايرانية التى طالت مواقع خطيرة واستراتيجية فى مدينة بئر سبع فى النقب المحتل .

ففي تطور خطير هزّ أركان الكيان الصهيوني، سقطت صواريخ باليستية إيرانية على مواقع حساسة في مدينة بئر سبع ، الهجوم الذي يمثل تصعيداً غير مسبوق في المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب، لم يترك آثاره على الأرض الإسرائيلية فحسب، بل دفع بالولايات المتحدة إلى التهديد بدخول الحرب، محذرة من قصف منشأة فردو النووية الإيرانية، في سيناريو يهدد بإشعال المنطقة بأكملها.

 

فجر الخميس انهار صمت الليل في بئر سبع بزئير صواريخ أطلقت من العمق الإيراني، متجاوزة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية بدرجة مقلقة.

وفقاً للتقارير الأولية، استهدفت الضربات مجمعاً عسكرياً رئيسياً يضم وحدات استخباراتية واتصالية حساسة، بالإضافة إلى موقعاً بحثياً متقدماً مرتبطاً بالبرنامج النووي الإسرائيلي المزعوم ، صور الدمار التي انتشرت، وإن خضعت للرقابة المشددة، أظهرت أعمدة دخان كثيفة وأضراراً جسيمة في البنية التحتية، مما يشير إلى دقة التصويب وحجم الخسائر المحتملة.

 

تجاوز تأثير الضربة الإيرانية الحفر التي أحدثتها الصواريخ ، عسكرياً أثبت الهجوم ثغرة خطيرة في نظرية الأمن الإسرائيلية القائمة على الردع والدفاع المتعدد الطبقات ، فشل “القبة الحديدية” الجزئي في اعتراض جميع الصواريخ أثار حالة من الصدمة والاستنفار غير المسبوق. الجيش الإسرائيلي أعلن حالة التأهب القصوى، وتكثف الغارات على مواقع في سوريا ولبنان، لكن الضربة المباشرة من إيران تمثل انتهاكاً للخطوط الحمراء وتغييراً جذرياً في قواعد الاشتباك.

اقتصادياً: ارتجفت الأسواق الإسرائيلية بعنف. شهدت البورصة (تاسي) انهياراً حاداً، وفقد الشيكل الإسرائيلي قيمته أمام العملات الرئيسية بشكل كبير ، قطاع التكنولوجيا، العمود الفقري للاقتصاد، شلّته المخاوف من استمرار الهجمات وتعطل البنية التحتية الحيوية في بئر سبع. أعلنت العديد من الشركات الدولية العاملة في إسرائيل تعليق عملياتها أو تقليصها، متوقعة أضراراً بعيدة المدى على الاقتصاد الإسرائيلي.

 

رداً على الهجوم الإيراني المباشر على حليفها الإستراتيجي، خرجت الإدارة الأمريكية بتحذير صارخ ، في بيان واضح اللهجة، هدد الرئيس الأمريكي بـ”رد ساحق وحاسم” إذا استمرت إيران في استهداف إسرائيل، وحدد تهديداً ملموساً: قصف منشأة فردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض ، هذا التهديد يمثل قفزة هائلة في التصعيد، حيث أن ضرب منشأة نووية إيرانية حصينة يعني حتماً دخول الولايات المتحدة بشكل مباشر وكامل في الصراع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف اندلاع حرب إقليمية شاملة.

 

تدخل الولايات المتحدة العسكري المباشر، خاصة إذا تضمن ضرب منشأة نووية، سيفتح أبواب الجحيم ، توسيع نطاق الحرب: سيتحول الصراع من مواجهة إسرائيلية-إيرانية (ووكلائها) إلى حرب أمريكية-إيرانية مباشرة.

تأجيج المحور الإيراني: ستُطلق إيران و”محور المقاومة” (حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والميليشيات في العراق وسوريا) العنان لقدراتهم الصاروخية والمسيّرة ضد القوات الأمريكية في المنطقة وقواعدها، وضد إسرائيل بشكل مكثف، وربما استهداف مصالح غربية وممرات ملاحية حيوية.

أزمة طاقة عالمية: أي تعطيل لإنتاج أو شحن النفط من الخليج سيُسبب صدمة في أسواق الطاقة العالمية.

سباق نحو الهاوية: خطر التصعيد الخاطئ أو التقدير الخاطئ قد يؤدي إلى مواجهات لا يمكن السيطرة عليها، مع إمكانية استخدام أسلحة أكثر تدميراً.

 

من المتوقع أن ترد طهران على أي هجوم أمريكي بكل قوة : تصعيد صاروخي ، إطلاق موجات ضخمة من الصواريخ الباليستية والمسيّرة باتجاه إسرائيل وقواعد أمريكية في المنطقة.

حرب الوكالة :تكثيف هجمات الميليشيات الموالية لها على أهداف أمريكية وإسرائيلية عبر الشرق الأوسط.

تهديدات بحرية: تعطيل الملاحة في مضيق هرمز، الشريان الحيوي لنفط العالم.

رد نووي : بينما يُعتقد أن إيران لا تملك سلاحاً نووياً جاهزاً بعد، فإن ضرب منشآتها النووية قد يدفعها لتسريع برنامجها بشكل خطير أو حتى استخدام تكتيكات “الحافة” النووية للردع.

خطاب تصعيدي:التأكيد على “حق الرد” ووصف أي عمل أمريكي بأنه “عدوان” يستوجب الدفاع عن النفس بكل الوسائل.

 

سقوط الصواريخ الإيرانية في بئر سبع لم يكن مجرد هجوم عسكري بل كان زلزالاً سياسياً وأمنياً أعاد رسم خريطة الصراع في الشرق الأوسط.

إسرائيل، التي شعرت بلمس النار في عمقها، تواجه تحدياً وجودياً جديداً ، الولايات المتحدة، التي سحبت إلى حافة الهاوية، توازن بين حماية حليفها وتجنب حرب كارثية وإيران، التي أظهرت قدرات هجومية بعيدة المدى، تقف في مواجهة عواقب جرأتها.

 

المنطقة الآن تقف على شفا بركان يوشك أن ينفجر ، ما بعد بئر سبع لن يكون كما قبلها، والخيارات التي تُتخذ في الساعات والأيام القادمة ستحدد ما إذا كانت المنطقة ستسقط في حرب لا تبقي ولا تذر، أو إذا كان بوسع الدبلوماسية المتعثرة أن تعيد الأطراف من حافة الهاوية ، سقوط الصواريخ كان في بئر سبع، لكن ارتداداته قد تهز العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock