الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين
والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين،
وعلى آله وصحبه والتابعين ثم أما بعد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم
قال من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة،
والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة،
وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته،
حلت له شفاعتي يوم القيامة رواه البخاري،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ” أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟
قالوا لا يبقى من درنه شيء، قال ” فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ” متفق عليه، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال.
” إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله عز وجل ” إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ” رواه الترمذي، واعلموا إن البساطة والوضوح لا ينفيان الأصالة والابتكار، فالفروق الدقيقة بين التعابير هي المهمة وهي الخطيرة، وإذا أنت أصغيت إلى البارعين في الخطابة ممن عرفوا بطلاقة اللسان، وقوة العارضة، وحللت عوامل تأثيرهم في السامعين، أدركت ما لا نستطيع أن نصفه لك أو نرشدك إليه، وقلنا ونؤكد أن الانهماك هو تصرف غير حميد، إن لم يكن ذميما، وهو يختلف عن إسداء المعونة الذي يحمده، بل يجب القيام به في كثير من الظروف، والفرق بين الموقفين، الانهماك وإسداء المعونة؟ هو إن الأول ينطوي ضمنا على شيء من العبودية، بينما الثاني يتطلب إستعانة موجهة إليك أو رغبة في تدخلك، ومتى حكمت أن من اللائق أن تتدخل.
فإعمل دون أن تعلق على تدخلك أدنى أهمية ثم إياك أن تمني بمعونة أسديتها أو تشعر الآخرين بها، أو بقيمتها في نفسك ولا تحتفظ بضغينة حتى ولو بحق على أي كان، وسجل أساليب كل امرئ أو امرأة في التصرف وإتخاذ المواقف بغية أن تستخرج منها الإلهامات التي تفيدك في مسلك تجاهه أو اتجاها في المستقبل، ولا يغب عن بالك أن تسعة أعشار الناس يفكرون ويتصرفون بشكل آلي يحتمه عليهم تكوينهم النفسي الداخلي الذي لم ينتخبوه، فالتبعة فيه لا تقع على عاتقهم وهذه التبعة تنزل أحيانا إلى درجة الصفر، فلنكن إذن متسامحين معهم في الوقت الذي نأخذ فيه أقصى ما نستطيع من إحتياطات في علاقاتنا بهم وتقدير كمية الثقة التي نوليها لكل منهم، ويجب أن تقف متماسكا وهادئا حيال أي شخص بالغا ما بلغ منك الإستياء منه وبالغا ما بلغ خذلانه لك.
فإنك تبذر طاقتك النفسية على غير طائل حين تظهر الغضب أو البغض، وإن المقصود عادة من كلمة تهذيب يتلخص في أن يطبق الشخص سلوكه على القواعد التي يراد منها تجنب الإصطدامات ومراعاة شعور الآخرين وعدم مضايقتهم وإزعاجهم إجمالا في الحياة الإجتماعية، وهناك لياقات تعارف الناس على العمل بها يمكن للشخص أن يكتشفها ويلاحظها ويدرسها ويمضي في تطبيقها إلى أن يملك أسرارها الخفية مع الزمن ويصبح قادرا على ولوج أية بيئة وأي محفل دون إرتباك أو إضطراب أو إنزعاج، وإن المهذب ذا الحساسية الدقيقة يستطيع أن يتصرف بمرونة وصفاء ذهن حين يعمل ذوقه ويستجيب لما يمليه عليه حسن الترصن في كل موقف من الموقف دون أن يطالع الكتب الخاصة بالتهذيب أو يطلع على فن الحياة، ثم أن التهذيب يزيد في قيمة المهذب.
ثم يزيد في نفوذه على الآخرينن فليراقب المرء في نفسه الحركات والإشارات والمظاهر والألفاظ التي تسيء إلى فكرة الناس عن تهذيبه ودرجة تهذيبه.