دين ومجتمع

كيف أريد أسلوب حياتي ؟

جريدة الصوت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحابته والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن هناك مرحله عمرية تمر علي الإنسان تسمي مرحلة اكتشاف الذات وهي مرحلة خطيرة لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته على هذه الأرض، وهذه المرحلة تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أن يتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم المضطرب لحظات تطلب منه طرح أسئلة معينة على النفس من أنا وماذا أفعل في هذه الدنيا وماذا أعرف عن نفسي ولماذا خلقت؟ وكيف أريد أسلوب حياتي أهو بعيدا عن الناس أم وسط زحمة هذا العالم أم في عداد حاملي الرسالات؟ فهذه الأسئلة وغيرها الكثير الذي يتفاوت من شخص لآخر.

يحمل لنا العديد من الإجابات المريحة التي تضع النقاط على الحروف في نفوسنا، فإن إنسان في وسط هذا العالم الصاخب وجد نفسه في غربة لظروف كانت قاهرة، وإن كان الإنسان في معظم الحالات هو المسؤول عن ظرفه لأنه من صنعه، كان يحمل بين جوانبه خلفيات نظرية بسيطة عن دينه وعن أصدقائه وعن أهله وعن كل شيء ولكن لاوجود لشيء عن نفسه، فقد وجد نفسه يضطرب بإضطراب هذا العالم، وجد نفسه يقع في تحديات خطيرة لولا الله تعالي لتفتت شخصيته، ووجد نفسه يجاري هذا العالم في عبثه، في وقت ما شاءت العناية الإلهية أن يتوقف ويبتعد عن عجلة الزمان لبعض الوقت وكان هذا هو المفترق الخطير في حياته، وإنه توقف وتوقف وطالت وقفته ولكن بعد ذلك ولد من جديد أدرك من هو؟ وأدرك ما دوره وأدرك الكثير.

وليس كل شيء لأنه لا وجود للكمال في الدنيا، فأقول عرف عن نفسه وأقول أدرك ولا أقول عرف لأن المعرفة بالشيء لا تولد القيام به كما في حالة الإدراك والإستيعاب ما الذي حصل هنا؟ فما حصل هو معرفة الأنا وفك لغز هذه الكينونة الداخلية بكل بساطة، ومصطلحات ضخمة أليس كذلك؟ ولكنها بسيطة إذا أردنا التبحر فيها، وهذه قصة شاب تحول إلى إنسان أجاد فن التعامل مع نفسه وبالتالي مع الآخر، وهذا الشاب يروي لنا رحلة إكتشاف ذاته بنفسه فيقول دخلت الجامعة ووجدت نفسي في عالم يدور وأنا لا أدرك دورانه لجهلي ولبساطة فطرتي، الخجل يلفني والرعب من المستقبل القادم يضرب طوقا حولي والمجتمع الذي حولي يفرض نفسه علي، لن أقول بأنني كنت كاللقمة السائغة لمن حولي ولكن كنت أنا تلك اللقمة بعينها جهلي بالتعامل مع الواقع الذي أعيشه.

كان دائما يؤثر سلبا على نفسيتي وضغطي يرتفع كلما تعرضت لأزمة ما، وثقتي بنفسي بدأت بالتلاشي بعد كل إنهيار عصبي، وكنت أعتبر نفسي حاملا لرسالة ما ولكن كان الواقع المؤلم يمنعني من أداء هذه الرسالة لأنه تفوق علي وأحكم سيطرته على الموقف وبدأ الاستسلام كرد فعل منطقي، وفي ذاك الوقت كان يتردد على مسامعي من الداخل صوت قوي يخرج من أعماق غائصة في نفسي وهي تسألني لماذا الإستسلام فقلت لها وماذا تريدين مني أن أفعل تجاه هذا الواقع فقالت اكتشفني، وقفت مدهوشا لهذه الكلمة التي وقعت على مسامعي وترددت في أصدائي للحظات عديدة، اكتشف ذاتي وما هذا المصطلح؟ وبعدها بأيام عزمت على البدء، حيث أن كثير من تصرفات الفرد يكون منشؤها ردات الفعل وغالبا ما تكون هذه الردات سلبية في إتجاهها.

ومسيطرة في طرحها إلى حدود تمنع العقل من الرؤية الشاملة للنقطة، وقمت بإصلاح الخلل والبعد عن الردات ولكن ينقصني التوازن الذي سيكون هو الميزان لوزن الأمور وتجنب الإفراط والتفريط، وهذه النقطة وهي التوازن حصلت عليها أثناء قراءتي لكتاب في تربية الطفل، وكان هذا الكتاب يعتمد على منهاج التوازن للدلالة على فلسفته، فلقد كان يعرض الموقف ويعطي الحل لهذا الموقف تارة في أقصى اليمين وتارة في أقصى اليسار وإذ بالحل المتوسط والمتوازن يظهر لوحده في المنتصف، ومن هذه الفلسفة تعلمت هذا المبدأ وأدركته وبدأت تطبيقه عمليا في كل موقف يواجهني وبالتالي أصبح خلقا لأن الخلق هو عادة الفعل، وكذلك كانت هناك العقد المتأصلة في النفس من تجارب الماضي وكان لي معها معارك شتى لمحوها، لا يخفى على القارئ ما لهذه العقد من عظيم تأثير على تفكير الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock