دين ومجتمع

الكلمة الطيبة تفتح الأبواب الحديدية

جريدة الصوت

بقلم – محمـــد الدكـــروري

الحمد لله خلق الخلق وبالعدل حكم مرتجى العفو ومألوه الأمم كل شيء شاءه رب الورى نافذ الأمر به جف القلم، لك الحمد ربي من ذا الذي يستحق الحمد إن طرقت طوارق الخير تبدي صنع خافيه إليك يا رب كل الكون خاشعة ترجو نوالك فيضا من يدانيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أسلم له من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، إعلم أن الكلمة الطيبة تفتح الأبواب الحديدية، وإذا ما أردت أن تعالج أمرا ما فلا تعالجه بتشدد وتعصب، فالرفق لا يكون في شيء إلا زانه، وتحرى العمل الجالب للخيرات والدافع للمضرات، وإعلم أن الحياة الدنيا إلى فناء فاعمل لما بعدها فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.

والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني ولا يخلو قلبك من أمرين أحدهما دنياك فعش عزيز النفس بها، وآخرتك لتي إليها معادك، فالله تعالى يبغض كل فارغ من أعمال الدنيا والآخرة، وقد أعطاك الله العافية والصحة، فلا تبخل على نفسك بهما، وإشغل نفسك بما يغنيك عوده إن الله تعالى يبغض العبد الصحيح الفارغ، وإن هناك حلاوة لا يذوقها إلا من كان الحب مسلكه، وهي حب الناس، وأن تحب كل الناس شيء جميل فحاول تجربته، وإحذر من أن تأخذك الفاقة إلى حيث المذلة، فلا عيب في الفقر، وإذا فقدت المال فلا تفقد عزتك، وإن كان جيبك فارغا فحاول أن يكون رأسك شامخا، أما أفعالك فلا يلام غيرك عليها، فلسان العاقل يقول أنا مسؤول عن عقلي، إذن أنا مسؤول عن أفعالي ولا تجعل التسويف يفوق عملك فإنها جند من جنود إبليس.

وتوخى أن تكون في منأى عن دخولك فيما لا يخصك ولا منه لك مصلحة ولا نافع، وإجعل هذه كلمة ” بخلاف ما فيك ” نصب عينيك، فقد سأل رجل الأحنف قائلا بم سدت قومك، وما أنت بأشرفهم بيتا، ولا أصبحهم وجها، ولا أحسنهم خلقا؟ فقال الأحنف بخلاف ما فيك، قال وما ذاك؟ قال تركي من أمرك ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك، وإحرص على إستغلال وقتك وجدك، ولا تجعل للكسل إليك منفذا، وعلى قدر جدك يكون إنجازك، وبقدر الجد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي، ووقوفك بوجه الشدائد إنما هو ساعة صبر، بصبر ساعة قالها عنترة عندما قال له أحدهم كيف تقتل الرجال ولا يقتلونك، قال له ضع إصبعك في فمي، ووضع إصبعه في فمه، وقال امضغ إصبعي وألوك إصبعك، ففعلا وصرخ الرجل، فقال له عنترة بصبر ساعة.

لو لم تصرخ أنت لصرخت أنا، وإعلم أنه لا كيان بلا نظام، ولكي تشيد صرحك وتقيم أمرك فلا مناص من ترتيب أمرك، وتنظيم شؤونك، وهكذا الأمر، وبني الكون على النظام، وتعلم في هذه الدنيا من أي شيء، فاجعل من الحجر معلما لك يعلمك كيف يكون عزمك ومن السماء كيف يكون قلبك ومن الماء كيف يكون تدبيرك، وتعلم ولو من خصمك وليكن عقلك متحمسا في شأن الخير والصلاح، فحماس العقل لا يشيب وتزود من دقيقتك هذه للدقيقة الآتية وخذ من يومك لغدك، وإياك والخجل من السؤال فمن يسأل فهو غبي لخمس دقائق لا أكثر، ومن لا يسأل غبي طول عمره، فإختر ما تكون، وخير لك أن تسأل مرتين من أن تخطئ مرة وإجعل مخافة الله تعالي الحكمة التي تنشدها والتي تطلبها دائما فرأس الحكمة مخافة الله، وستلاقي في مسيرتك من يشدك إلى الخلف فلا تأبه.

وإن قيل لك ولو أن باني خلفه هادم كفى، فكيف بباني خلفه ألف هادم، فقل أنا الباني ولكني بعزم ألف هادم، وإحذر من أمرين فهما شر ما في الرجل، وهما منقصة لكل من حمل الرجولة على كاهله، وهما البخل والجبن فشر أخلاق الرجال البخل والجبن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock