مقالات وآراء

بين التحولات الإقليمية وثوابت الدولة: مصر مع بداية جديدة أم ظرف استثنائي؟

بقلم: طارق فتحى السعدنى
في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، تتجه أنظار الكثيرين إلى المواقف المصرية التي اتسمت خلال السنوات الأخيرة بالاتزان والمرونة دون المساس بثوابت الدولة الراسخة.
وفي هذا السياق، يبرز تساؤل مشروع تطرحه النخب والمراقبون: هل ما نشهده من تغير في الخطاب والمواقف هو مجرد استجابة ظرفية تفرضها المستجدات؟
أم أننا أمام انطلاقة جديدة لعلاقات إقليمية ودولية قوامها الصراحة والندية والمصالح المتبادلة؟
لا توجد إجابة قطعية لكن المؤشرات لا تخطئها العين.
فمصر التي عرفت تاريخيا بثقلها السياسي والجغرافي الديموغرافي،
لم تتخل يوما عن دورها المحوري في الإقليم،
بل أعادت صياغته في ضوء واقع أكثر تعقيدا و تشابكا.
وقد برهنت القيادة السياسية في أكثر من محطة على أن التحرك المصري ليس ارتجاليا أو خاضعا لموجة طارئة،
بل هو نتاج قراءة واعية للمشهد واستراتيجية مدروسة توازن بين المبادئ والمصالح.
اليوم الخطاب المصري أكثر صراحة لكنه لا يفتقر إلى الحكمة. وأكثر انفتاحا دون تفريط في السيادة أو الثوابت.
علاقات مصر بالخارج تبنى على قواعد الشراكة لا التبعية وعلى مبدأ “مصر أولا” دون أن يعني ذلك الانغلاق أو القطيعة.
إن ما يميز الموقف المصري في هذه المرحلة هو القدرة على التفاعل الإيجابي مع المتغيرات دون أن تهتز بوصلة الدولة ودون أن تكون ردود الأفعال مجرد انعكاس للضغوط.
هذا التوازن الصعب بين الثبات على المبدأ والمرونة في الوسيلة هو ما جعل لمصر مصداقية حقيقية على الساحة الدولية.
ولعل التحركات الأخيرة سواء في ملفات إقليمية شائكة أو في شراكات اقتصادية واعدة،
تؤكد أن القاهرة تسعى لصياغة علاقات قائمة على الاحترام المتبادل بعيدة عن الاصطفاف الأعمى أو المجاملات الدبلوماسية.
إننا أمام سياسة واقعية عصرية لكن بروح مصرية أصيلة تعي جيدا متى تصمت ومتى تتكلم ومتى تتحرك.
ومع أن الوقت وحده كفيل بكشف إن كان هذا التحول بداية لعهد جديد في علاقات مصر الإقليمية والدولية،
فإن الثابت أن مصر لم تغب يوما ولن تغيب عن معادلات التأثير،
بل تعود دائما حين يفتقد العالم صوت العقل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock