
كتبت /منى منصور السيد
نظمت لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر في قصر ثقافة الزقازيق ندوة نوعية بعنوان إرثنا الحضاري وخارطة السياحة العالمية كفر الدير أنموذجا لم تكن هذه الفعالية مجرد حلقة نقاشية عادية بل كانت دعوة صريحة لإزاحة الغبار عن كنوز محافظة الشرقية الأثرية وتأكيدا على دورها المحوري في تاريخ مصر القديم والوسيط .
لطالما ارتبطت الشرقية في الأذهان بزراعتها الخصبة لكن الندوة أعادت التأكيد على مكانتها كعاصمة لمصر القديمة في عصور مختلفة ذكر الكاتب والباحث عبد الله مهدي أربع عواصم تاريخية قامت على أرضها بدءا من أواريس تل الضبعة عاصمة الهكسوس مرورا ببررعمسيس قنتير التي كانت مقرا لحكم الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين وصولا إلى تانيس صان الحجر التي وصفها خبراء المصريات بطيبة الشمال وانتهاء بتل بسطة برباستت عاصمة الأسرة الثانية والعشرين هذه الحقيقة التاريخية تضع الشرقية في قلب الخارطة الحضارية المصرية وتؤكد على ضرورة إعادة اكتشافها وتوثيقها.
كان كفر الدير هو النقطة المحورية في النقاش حيث قدم المهندس مجدي غبريال قصة نجاح ملهمة فالدير الذي يعود إلى القرن الرابع الميلادي بالطراز البيزنطي كان على وشك الانهيار لكن بفضل جهود فريق تطوعي متخصص تم إنقاذه وإعادته إلى أصله هذه القصة تسلط الضوء على أهمية الوعي المجتمعي وتضافر الجهود للحفاظ على التراث وما يزيد من فرادة هذا الموقع هو ظاهرة تعامد الشمس على مذابحه ثلاث مرات في العام كما أوضح القمص ويصا حفظي سعيد هذه الظاهرة التي لا نظير لها في كنائس العالم تمنح الدير بعدا روحيا وأثريا فريدا يستحق أن يوضع على خارطة السياحة العالمية .
لم تقتصر الندوة على الحقبة الفرعونية والمسيحية فحسب بل تطرقت أيضا إلى الأثر الإسلامي والتواصل الحضاري فقد أكدت الندوة أن الشرقية كانت محطة مهمة في رحلة العائلة المقدسة حيث احتضنت منطقتي تل بسطة وبلبيس كما استعرضت كنوزها الإسلامية مثل مسجد قايتباي ومسجد محمد علي الكبير وقاعدة مئذنة مسجد سادات قريش وفي لفتة بالغة الأهمية تحدث الباحث مجدي سعد صليب عن التسامح الذي يفوح في المجتمع الشرقاوي مستشهدا بأن الزعيم الوطني أحمد عرابي قد تلقى علومه في ك ت اب عم جرجس القبطي هذه الأمثلة تعكس التسامح والتعايش السلمي الذي طالما كان سمة مميزة للمجتمع المصري.
اختتمت الندوة بتوصية هامة من عبد الله مهدي دعا فيها إلى ضرورة استثمار هذا الكنز الأثري الهائل في إحداث نقلة نوعية في الحركة السياحية كما أكد على أهمية إشراك المجتمعات المحلية في عملية التنمية المستدامة لضمان الحفاظ على هذا الإرث الحضاري والثقافي للأجيال القادمة إن إحياء هذا الإرث ليس مسؤولية المؤسسات الرسمية وحدها بل هو واجب وطني يقع على عاتق كل فرد مهتم بحضارة بلاده