بقلم احمد شتيه
في قلب العالم، حيث تلتقي قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا،
تقف مصر حارسةً لأحد أهم الممرات المائية العالمية:قناة السويس.
لا يقتصر الأمن القومي المصري اليوم على الحدود البرية فحسب،
بل يمتد ليشمل مساحات شاسعة من البحار والمحيطات،
حيث تلعب البحرية المصرية ودبلوماسيتها دوراً محورياً
في مواجهة التحديات العابرة للقارات.
وتشكل قناة السويس شرياناً حيوياً للتجارة الدولية،
حيث تمر عبره 12% من حجم التجارة العالمية،
مُدرةً عائدات بلغت نحو 9.4 مليار دولار في 2023.
بعد افتتاح المشروع القومي لقناة السويس الجديدة عام 2015،
زادت القدرة الاستيعابية للقناة،
لكنها أيضاً زادت من مسؤولية مصر في تأمين هذا الممر من أي تهديدات،
سواءً كانت إرهابية، قرصنة، أو حوادث عبور كحالة سفينة “إيفر غيفن” عام 2021،
التي كشفت هشاشة النظام العالمي أمام أي تعطيل.
وتواجه مصر تحديات متشعبة في حماية حدودها البحرية الممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط ،
خاصة في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تتعاون مصر مع التحالف الدولي لمكافحة القرصنةو التوترات في شرق المتوسط حول حقوق الغاز الطبيعي،
والهجمات الحوثية على سفن في البحر الأحمر، والتي تؤثر بشكل غير مباشر على أمن القناة
وامتدت حتى الصومال وبناء تحالف يحمى الملاحة بالبحر الاحمر ضد الاطماع الاثيوبية لتْحكم فى الملاحة بالبحر الاحمر
وتعد الجرائم العابرة للحدود كالتهريب والهجرة غير الشرعية واحدة من التحديات التى تواجه الامن القومى المصرى حيث تعزز مصر دورها كشريك لدول الأوروبية في مراقبة حدودها الجنوبية ، كما يعتبر الأمن الإلكتروني مع تحول الموانئ والبنية التحتية البحرية إلى أهداف للقرصنة الإلكترونية، تسرع مصر لتعزيز حماية أنظمتها الرقمية.
واستثمرت مصر في تحديث أسطولها البحري، بإضافة فرقاطات حديثة مثل طراز “جوويند” الفرنسية، وغواصات ألمانية متطورة. كما شاركت في مناورات بحرية دولية، مثل “كليوباترا” مع فرنسا و”البحر الأسود” مع الولايات المتحدة، لتعزيز الردع الجماعي.
دبلوماسياً، تدعم مصر مبادرات إقليمية مثل “مجموعة الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن”، التي تهدف إلى تعاون أمني واقتصادي بين 8 دول، بما فيها السعودية والأردن.
ولا يقتصر الأمن القومي على التهديدات العسكرية، بل يشمل حماية الموارد الطبيعية. تواجه مصر تحديات بيئية مثل التلوث البلاستيكي وتغير المناخ، الذي يهدد بغمر أجزاء من الدلتا. هنا، تبرز مشروعات مثل “حماية الشواطئ المصرية” بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
في ظل تنافس القوى العظمى على الموارد البحرية، تدرك مصر أن أمنها القومي مرتبط بتحالف استباقي بين القوة العسكرية والدبلوماسية الذكية والاستثمار في التكنولوجيا. كما أن تعزيز التعاون الأفريقي، خاصة مع دول حوض النيل، قد يصبح ركيزة إضافية لضمان أمن شامل يعبر البحار، ويحمي مستقبل الأجيال.