
المستشار- أسعد محمود الهفل
إن جميع الصراعات، التي دارت وتدور في منطقة الشرق الأوسط منذ سقوط الخلافة العثمانية، ووضع دول المنطقة تحت الاستعمار الفرنسي والبريطاني، الذي عمل على إقامة إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، إلى تاريخ اليوم، مصدرها المباشر هو قيام إسرائيل التي استغلت التناقضات الإثنية والطائفية، وحرصت على تغذيتها وضمان استمرارها لكي تستطيع الهيمنة على دول المنطقة والتحكم في مصيرها.
لقد كتبنا أكثر من مقال في هذه الجريدة، وحذرنا من خطورة المرحلة التي تمرّ بها المنطقة، ما يوجب وقف أيّ صراعات طائفية أو أثنية، لأن العربدة الإسرائيلية لم تكن بهذه الوقاحة في أيّ مرحلة من مراحل التاريخ الحديث، وذلك ليس لقوّة إسرائيل العسكرية وإنّما بسبب صراعات شعوب ودول المنطقة التي أدّت إلى ضعفها وعملت إسرائيل على استغلالها لتنفيذ مشاريعها التي هي ضدّ كلّ شعوب المنطقة، الأمر الذي يحتم عليها إعادة ترتيب أولوياتها؛ إذ إنّ الخطر يهدّد جميع دول المنطقة من دون استثناء.
إن الخطر الإسرائيلي لا يهدّد وحدة سوريا ولبنان فحسب، ولن يتوقف عند هاتين الدولتين، وإنما سوف يمتدّ ليشمل جميع شعوب ودول المنطقة من دون استثناء، الأمر الذي يوجب معه على دول المنطقة أن تكون على قدر المسؤولية في هذه المرحلة التاريخية، التي أصبح يعلن فيها الكيان الإسرائيلي أنّه يقوم بتغيير وجه الشرق الأوسط وبتنفيذ سايكس بيكو الجديدة.
إن الوقت الذي تمرّ به المنطقة يُعدّ من أصعب المراحل منذ مئة عام على الأقل، وهذا يتطلّب سرعة المبادرة بشكلٍ يتناسب مع خطورة المرحلة بإيقاف جميع الصراعات الإثنية والطائفية وتوحيد الجهود وتحديد البوصلة بما يتناسب مع الخطر الإسرائيلي، حيث يزعم الكيان الإسرائيلي أنّ المرحلة أصبحت ناضجة لتنفيذ سياسته التي يروّج لها «الشرق الأوسط الجديد».