
بتنا نسمع كلاماً صريحاً علنياً من قوى إقليمية تدعو إلى تقسيم سوريا إلى أربعة أقاليم بتسويق حجج واهية لا تمت للحقيقة بصلة، ولا تخدم أي مكون من مكونات الشعب السوري بكل أطيافه، ثم جاءت محاولة فلول النظام إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وهؤلاء الفلول المجرمون لا يمثلون بالطبع أبناء الساحل السوري، سيما وأن أكثر المنتسبين لقوات النظام البائد قاموا بعمل تسويات وتسليم سلاحهم للدولة، إلا أنه أولئك الذي ارتكبوا جرائم الإبادة -وهم معروفون للجميع- يرفضون أي تسوية ويصرون على الاستمرار في زعزعة الأمن وخلق الفتن بين مكونات الشعب السوري، وهذا ما أكده رامي مخلوف في منشورة على الفيسبوك حيث حَمَّلَ ضباط في الفرقة الرابعة مسؤولية المتاجرة بدم أهل الساحل.
إن القوى الإقليمية التي حرصت على استمرار الصراع طوال أعوام الثورة الأربعة عشر وحالت دون تحقيق أي حلول سياسية ما تزال تعمل على زعزعة محاولات استقرار سوريا الجديدة وتحاول جاهدة بكل الوسائل للحيلولة دون استعادة سوريا لدورها الإقليمي، وقد شهدنا بعض وسائل الاعلام الإقليمية تروج لأفكار وتسوق لمشاريع لا تخدم مصالح السوريين ولا الدور العربي الذي بدأ يعود الى الساحة السورية بقيادة المملكة العربية السعودية.
إننا أمام لحظة تاريخية جسدتها إرادة السوريين بالالتفاف حول سوريا الجديدة حيث خرج الملايين إلى الساحات لإظهار الدعم لوحدة سوريا ورفض العودة إلى الوراء، لذا فإن من مصلحة الشعب السوري بكافة مكوناته الانخراط في حوار وطني يمهد الطريق لبناء الدولة، لأن تلك القوى الإقليمية لن تتوقف عن المحاولات التي ستبوء بالفشل للوقوف بوجه إرادتهم، إلا أنه كما يقال في المثل الدارج: ربَّ ضارة نافعة، لأن ما حدث نهاية الأسبوع الماضي في الساحل أكد للمتربصين بسوريا الجديدة أن النيل من وحدة سوريا أمر أصبح في غاية الصعوبة وأن الوعي السوري تجسد بقدرة الدولة السورية على تجنيد نصف مليون سوري للدفاع عنها وهذا أمر أدهش العالم، حيث أن تجنيد هذا العدد الهائل يحتاج إلى إمكانيات دول عظمى ولم يسبق لأي دولة أن حققت هذا خلال فترة قصيرة جداً، أما بالنسبة لبعض المأجورين الذين ارتضوا أن يكونوا أداة بيد تلك القوى التي لا تخفي رغبتها بتقسيم سوريا… عليهم أن يتذكروا مصير جيش لبناني الجنوبي الذي أسسته إسرائيل في عام 1979 في جنوب لبنان لمواجهة المقاومة الفلسطينية وكيف انتهى مصيرهم مشردين في أنحاء العالم بعد أن انتهت الحاجة إليهم، لأن مصالح الدول تتغير وبالتالي تتغير مواقفها من هؤلاء المأجورين، ويجب عليهم أن يكونوا مع موقف السوريين الواحد الذي يرفض المساس بوحدة التراب السوري، فالسوريون أثبتوا على مر التاريخ قدرتهم على إجهاض أي مشروع لتقسيم بلدهم، وخير دليل على ذلك إفشال المشروع الفرنسي في تقسيم سوريا الى دويلات إبَّان الاحتلال الفرنسي لسوريا.
المستشار/ أسعد محمود الهفل