فن وثقافة

سيمون تفتح صندوق الذكريات لأول مرة… ومسلسل “حدث في الهرم” يعود إلى الضوء كرسالة فنية خالدة

متابعة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
في لحظة مشحونة بالحنين والعاطفة، قرّرت النجمة المتألقة سيمون أن تبوح بما يُشبه الأسرار، وأن تكشف لجمهورها الواسع عن عملٍ محفور في ذاكرتها ووجدانها، عمل لم يكن مجرد تجربة تمثيلية عابرة، بل محطة استثنائية حملت في طيّاتها كل معاني الرسالة، الفن، والعمق. من خلال منشور دافئ، شاركت سيمون جمهورها بكلمات شفافة، فيها محبة، وصدق، واشتياق، عن مسلسل “حدث في الهرم”، العمل الذي وصفته بـ”صندوق الذكريات”، والذي لاقى حين عرضه تفاعلًا كبيرًا بين المشاهدين وترك في أرواحهم أثرًا لا يُمحى.
لكل حلقة حكاية… ولكل حكاية مغزى، والهدف دائمًا إنساني وأنيق.
ما يميّز هذا العمل الفني الفريد أنّه بُني على تركيبة درامية مغايرة، فهو ليس مسلسلًا تقليديًا بقصة واحدة تسير بخطٍّ سرديٍّ ثابت، بل هو فسيفساء درامية متعدّدة الألوان والوجوه. “كل حلقة شخصية مختلفة، بمغزى وهدف جميل”… هكذا عبّرت سيمون عن جوهر المسلسل، وكأنّها تلخّص برسالة واحدة عمق التجربة. ففي كل حلقة نلتقي بشخصية جديدة، نغوص في واقعها، نواجه ألمها، ونحاول أن نفهم كيف يُمكن لفنّ نظيف أن يُلقي الضوء على زوايا منسيّة في الحياة، وينقل رسائل عميقة من دون ضجيج، ومن دون مبالغة.
الثنائي الذهبي… سيمون وأحمد عبد العزيز
أمام كاميرا المخرج الكبير إبراهيم الشقنقيري، وتحت ريشة الكاتب القدير مجدي الأبياري، كانت سيمون تقف بكل خفة ظلّها وصدقها الإنساني، إلى جانب العملاق أحمد عبد العزيز، ذاك الفنان صاحب الكاريزما الهادئة والعينين الممتلئتين بالتعبير. التعاون بين هذين النجمين لم يكن مجرد لقاء تمثيلي، بل أشبه برقصة روحية بين طيفين يُكملان بعضهما، فكل مشهد جمعهما كان كأنّه لوحة موسيقية، فيه حوار ناعم، وإيقاع داخلي، وتناسق يصعب تكراره.
إنتاج “صوت القاهرة”… توقيع له تاريخ وهيبة
لم يكن المسلسل مجرد فكرة جميلة، بل خرج إلى النور على يد واحدة من أعرق مؤسسات الإنتاج في تاريخ الدراما المصرية، “صوت القاهرة”، تلك الشركة التي لطالما ارتبط اسمها بالأعمال الراقية، التي تضع القيمة قبل الشهرة، والمعنى قبل الضوضاء. هذا الإنتاج حمل في طيّاته كل مقومات العمل الجاد، من السيناريو المُحكم، إلى الإخراج الهادئ، وصولًا إلى اختيار الممثلين بعناية تُشبه اختيار النوتات في مقطوعة موسيقية.
تيتر بنكهة كلاسيكية… وألحان محمد سلطان تسكن الذاكرة
لم يكن “حدث في الهرم” مجرد عمل درامي في مضمونه، بل كانت أجواؤه تحيط بالمشاهد من أول ثانية، بدءًا من التيتر، الذي لحّن أنغامه العبقري محمد سلطان، ذلك الاسم الذي يكفي وحده لضمان جودة وعمق وجمال. الألحان حملت نغمة الزمن الجميل، شجن الماضي، وخفة دم الحاضر، أما الكلمات فكانت امتدادًا للقصص التي نراها في كل حلقة. سيمون لم تخفِ إعجابها بالتيتر، وذكّرَت جمهورها بلطافة قائلة: “التيتر ألحان الأستاذ الرائع محمد سلطان… اتمنى يتعاد.”، وهي عبارة لم تمر مرور الكرام، بل فتحت بابًا واسعًا من المطالبة بإعادة عرض المسلسل من جديد.
منشور صغير… فتح بوابة حنين كبيرة
المنشور الذي كتبته سيمون، ورغم بساطته، أُشبع بجمال التفاصيل، ودفء الذكريات، فكان أشبه بنفَس دافئ وسط زحام الحياة، يذكّرنا كم أنّ الفن الحقيقي لا يُنسى، وكم أنّ الممثلين الذين يختارون بعناية أدوارهم، يتركون في قلوبنا مساحات لا تمحوها السنوات. هذا المنشور تحوّل خلال ساعات قليلة إلى مادة دسمة على السوشيال ميديا، تداوله المعجبون، وتفاعل معه النقّاد، واستعاد البعض مقاطع من المسلسل، صورًا من الكواليس، وحتى تسجيلات صوتية من التيتر.
“اتمنى يتعاد”… دعوة من القلب تحرّك الشاشات
كلمة واحدة من سيمون كانت كفيلة بتحريك المياه الراكدة، فطلبها البسيط “اتمنى يتعاد”، لم يكن مجرد رجاء عابر، بل رسالة فنّية، تقول إن الأعمال التي تتناول القيم، والإنسان، والمعنى، يجب أن تُعاد وتُعرض للأجيال الجديدة، لأنّها تحمل ضمن مشاهدها الدروس، والتجارب، والوجع النبيل، والأمل. جمهور سيمون لبّى النداء، فبدأوا بحملات على وسائل التواصل للمطالبة بإعادة بثّ المسلسل، مؤمنين بأنّ الفنّ الجيّد لا يسقط بالتقادم، بل يُعاد اكتشافه مع كل مشاهدة.
سيمون… اسم كلّو دفء وصدق ومحبة
في النهاية، لم يكن ظهور سيمون الأخير مجرّد منشور عادي، بل كان لحظة صدق، عكست عمق فنانة لم تغيّرها السنين، ولم تسحبها موجات الضجيج السطحي، بل ظلّت كما عهدها جمهورها: أنيقة، حقيقية، متصالحة مع نفسها، وفنّها، وجمهورها. “حدث في الهرم” لم يكن فقط عنوان مسلسل… بل كان لحظة صادقة في حياة سيمون… لحظة قالت فيها: “أنا بحب هالعمل، وبحب الناس يلي حضرته، ويلي رح يحضروه بعدين.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock