
محمود سعيد برغش
في زمن تتقاطع فيه السياسة بالترفيه، والدين بالاقتصاد، يظهر رجلٌ مثل تركي آل الشيخ ليقلب معادلات المشهد العربي من جديد. رجل لا يحمل لقب “شيخ دين”، بل شيخ نفوذ، يحمل في جعبته المال، والمنصب، والقصيدة… ويزرع حضوره في كل ما يمكن أن يُشاهد ويُستهلك.
من المستشار إلى المؤثّر الأول
تركي آل الشيخ، مستشار ملكي سعودي، رئيس هيئة الترفيه، ورئيس الاتحاد الإسلامي للرياضة، تحول في أقل من عقد من شخصية بيروقراطية إلى لاعب إقليمي في مجال الثقافة والرياضة، بل والسياسة الناعمة.
حمل معه ميزانيات ضخمة، وحوّل العاصمة السعودية إلى منصات ترفيهية عالمية. ولم يكتفِ، بل توغّل في الرياضة المصرية بشراء نادٍ، وفي الثقافة بالغناء، وفي الإعلام بالتقارير المتداولة عن دعم قنوات جديدة.
التدخل… باسم التطوير
حين دخل تركي آل الشيخ على خط الرياضة المصرية، اشترى نادي “بيراميدز”، وأحدث زلزالًا لم تهدأ توابعه حتى اليوم. لم يكن جمهور الكرة معتادًا على هذا النمط من المال المتحرّك… مال يُنفق بسخاء، لكنه لا يحترم مشاعر الانتماء، ولا حدود الخصوصية.
قال البعض: “هو حر، يستثمر!”
وقال آخرون: “المال حين يدخل بلا ضوابط، يشتري النفوس قبل العقود.”
الأزهر والقناة… إشاعة أم مؤشر؟
تناقلت وسائل الإعلام خبرًا عن دعم مالي سعودي لقناة دينية بإشراف شيخ الأزهر، بتمويل من تركي آل الشيخ. ورغم نفي الأزهر رسميًا، بقيت الشكوك في أذهان البعض.
لماذا؟
لأن المال حين يرتبط بالدين، يصبح الحديث عنه حساسًا.
ليس خوفًا من الحقيقة، بل حرصًا على ألا تكون الحقيقة مجرد “تحسين صورة” أو “ترويج نفوذ”.
شاعر يكتب… أم رجل يوجّه؟
لا يخفى على أحد أن تركي آل الشيخ شاعر غنائي معروف، تعاون مع كبار المطربين. لكن… هل القصيدة عنده وجدان، أم وسيلة؟
هل يُكتب الشعر لأنه إحساس، أم لأنه بوابة إلى قلوب الجماهير؟
كلمة أخيرة
تركي آل الشيخ ليس “الشيطان” كما يصوره خصومه، وليس “المنقذ” كما يراه مريدوه. هو ببساطة نموذجٌ صارخ لما يمكن أن تفعله السلطة حين تتغذى على المال، ولما يمكن أن يصنعه المال حين يُمنَح السلطة.
ويبقى السؤال الأهم: هل نحن أمام مشروع لبناء وعي عربي جديد… أم أمام نسخة ناعمة من الاستعمار الثقافي؟