
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الذي أنعم الله علينا بنعم لا تحصى ولا تعد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذكرنا بنعمته علينا وأننا لا نستطيع تعدادها وإحصاءها “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله كان إمام الشاكرين حينما قال لعائشة “أفلا أكون عبدا شكورا” فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فها هي العشر من شهر ذي الحجة أيام لا تعوض، وقد تكون آخر فرصة لنا في هذه السنة، فلا ندري سندركها مرة أخرى أم لا؟ فعلينا أن نجدد قلوبنا وننطلق إلى الله عز وجل ونصحح وجهتنا، فماذا نفعل في باقي الأيام العشر؟ أتدري ما هو أول وأهم شيء كان ينبغي علينا أن نستقبل به مواسم الطاعة؟ وهو بالتخلية قبل التحلية ومنها التوبة.
وهو أول ما نستلمه عندما نرى الكعبة نستلم الحجر الأسود، انظر كيف اسودّ؟ فإنه إسود بذنوبنا ومعاصينا، وإنظر إلى أثر الذنوب ماذا تصنع؟ وكذلك فإن حياتك اسودّت بسبب الذنوب والمعاصي، وقلبك اسودّ، وأمورك تعسّرت، وطريقك أصبح ظلاما، وحياتك مكدرة، وعيشك منغص، وصدرك ضيق، ولا تشعر براحة ولا سكينة، ودائما حزين، ومحروم من السعادة ومن الفرح ومن راحة البال، ولكن بين أيدينا الآن أيم العشر من ذي الحجة وهي فرصتك لحياة جديدة، وحياة سعيدة، حتي تفتح صفحة جديدة مع الله في أحب أيام الله، فقيل أن أحد السلف إشترى جارية، وإستيقظ من الليل فوجدها ساجدة تناجي ربها وتقول “بحبك إياي لا تعذبني” فقال لها بعد ذلك كيف عرفت أنه يحبك؟ قالت “لولا حبه إياي لما أقامني بين يديه وأنامك” فإذا أحبك الله تعالي سيقيمك بين يديه.
وسيجعلك تعبده وسيملأ قلبك بحبه وسيستعمل جوارحك في طاعته ولسانك في ذكره وسيرزقك تلاوة كتابه، وإذا أحبك لن يخذلك، وإذا أحبك سيوقظك من الغفلة، ويعمر أوقاتك بالصالحات، وقد يقول قائل أنا أريد أن أتوب وأترك الذنوب، لكن لا أستطيع، قلبي معلق بالذنب أحبه، فأنا أحب الأغاني أو الأفلام أو التبرج أو الغيبة أو العلاقات العاطفية أو غير ذلك، فأقول لك ما أجمل ترك المعاصي، ولكن لماذا؟ لأن من ترك شيئا لله تعالي عوضه الله عز وجل خيرا منه، ولكن كيف ذلك؟ وهو لأن السعادة في طاعة الله والشقاء في معصيته، فالإنسان القريب من الله يجد الراحة والهناء، ولذلك فإن أماكن الطاعة هي مواضع السعادة والراحة، فالمساجد بيوت الله لو دخلها مهموم أو حزين أزال الله همه وحزنه، والسعادة في طاعة الله تعالي وعبادته والقرب منه.
أما المعاصي فهي سبب في ضيق الصدر وظلمة القلب واليأس، فإترك الذنب ستجد إنشراحا في صدرك، وحلاوة في قلبك، حيث قال الله تعالى ” فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدرة للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لا يؤمنون ” فاللهم اشرح صدورنا لشرائع الإسلام وأوامره، وإن من الواجبات في الأيام العشر من شهر ذي الحجة هو أداء مناسك الحج والعمرة، فروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” فاللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، اللهم وفق قائدنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم أصلح له بطانته اللهم وفقه لكل خير وبر، واجعله معينا لأوليائك، حربا على أعدائك يا ذا الجلال و
الإكرام.