كتب شادي فتحي
عاد ملف تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الواجهة
فى خطوة وصفها مراقبون
بأنها الأخطر على مستقبل القضية الفلسطينية منذ صفقة القرن.
يترافق ذلك مع تصاعد الدعوات الإسرائيلية لنقل سكان القطاع إلى مصر والأردن
وهو ما قوبل برفض واسع على المستوى الفلسطينى والعربى.
الرئيس الأميركى دونالد ترامب لم يخفِ دعمه الكامل لإسرائيل وعُرف بمواقفة الحادة تجاه القضية الفلسطينية.
بدءًا من نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وصولًا إلى إعلانه عن صفقة القرن.
والآن يتجدد النقاش بشأن خططه للتعامل مع الملف الفلسطينى
خاصة فى ظل دعوته الصريحة لنقل سكان غزة إلى مصر والأردن.
فى تصريحاته الأخيرة أعرب ترامب عن أمله فى أن يستجيب الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لمقترحه
مؤكدًا أن الولايات المتحدة ساعدت مصر كثيرًا خلال السنوات الماضية.
كما أشار إلى أن ملك الأردن قد يكون مساعدا فى هذه القضية.
هذه التصريحات أثارت ردود فعل غاضبة
خصوصًا مع تأكيد المسؤولين المصريين والأردنيين
رفضهم القاطع لأي مشاريع تهجير
جمال نزال المتحدث باسم حركة فتح وعضو المجلس الثورى للحركة .
كان من أوائل المسؤولين الفلسطينيين الذين حذروا من خطورة المخطط
إذ أكد أن القيادة الفلسطينية رفضت صفقة القرن سابقًا
وتعتبر أى محاولة جديدة لتهجير الفلسطينيين غير مقبولة تمامًا.وقال نزال:
هناك نسخة أكثر خطورة من الصفقة الحالية تهدد الوضع فى غزة.
سموتريتش يدعو إلى إزاحة سكان غزة مستندًا إلى القلق من العنف فى المنطقة.
فرضية التهجير من غزة أو الضفة الغربية إلى مصر أو الأردن ستكون لها عواقب وخيمة.
تدفق اللاجئين إلى سيناء قد يؤدى إلى تفجر أزمات أمنية ومقاومة ضد الاحتلال.
تحذيرات نزال لم تتوقف عند الجانب الفلسطينى بل شملت تداعيات إقليمية
قد تتسبب فى عدم استقرار طويل الأمد
مؤكدًا أن وجود قلاقل فى الأردن وسيناء
قد يدفع إسرائيل للتدخل العسكرى فى الدولتين
مما ينذر بتوسيع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية
فى هذا السياق يؤكد المتحدث باسم حركة فتح جمال نزال خلال حديثه أن المخطط يحمل أبعادًا كارثية وأن الحركة لن تتهاون فى مواجهته.
فهل يمثل هذا التحرك مجرد مناورة انتخابية من ترامب أم أنه جزء من استراتيجية أميركية إسرائيلية لإعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة؟
يعتقد نزال أن إسرائيل لا ترغب فى إنهاء الحرب وأنها قد تتلقى تشجيعًا من أطراف دولية للاستمرار فيها.
وأضاف أن إسرائيل تفضل الاستمرار فى الصراع وفى حال إجبارها على وقف العدوان ستستخدم حماس كذريعة للاعتداء على الشعب الفلسطينى.
ويتفق محللون سياسيون مع هذه الرؤية حيث أشاروا إلى أن التصعيد الإسرائيلى الأخير فى الضفة الغربية يُبرر بمخاوف من تكرار أحداث 7 أكتوبر وهو ما تستخدمه تل أبيب لإبقاء التوتر قائمًا فى المنطقة
نزال تطرق أيضا إلى أهمية الدور العربى فى مواجهة المخططات الإسرائيلية الأميركية مشيرًا إلى أن الدول العربية.
خصوصا الخليجية تمتلك اقتصادا يعادل اقتصاد دول كبرى مثل إيطاليا ما يمنحها نفوذا متزايدا على الساحة الدولية.
وأكد أن الدول العربية تدعم القضية الفلسطينية بشكل جاد والحرص على الأمن القومى العربى يساهم فى هذا الدعم.
كما أشار إلى أن الضغط العربى قد يؤثر على ترامب فيما يتعلق بفكرة الضم أو التهجير.
إلى جانب ذلك شدد نزال على أن الحديث عن قبول دولة فلسطينية فى حدود 67 يُعتبر مراوغة من بعض الأطراف حيث أن بعض الفصائل الفلسطينية.
عرقلت جهود السلام فى الماضى عبر تنفيذ هجمات ضد إسرائيل.
كلما اقتربت المفاوضات من تحقيق تقدم لم يكن موقف فتح الرافض للتهجير هو الملف الوحيد على الطاولة،
بل تطرقت تصريحات نزال إلى الانقسام الفلسطيني الداخلى حيث اتهم حماس
بأنها تستدرج إسرائيل إلى حروب دورية بأوامر من إيران مما يؤدى إلى تفاقم الأوضاع.
كما شدد على أن مقاومة تشكيل حكومة فلسطينية مشتركة مع حماس قد يؤدى إلى أزمات جديدة وأن حماس يجب أن تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتقبل بالتزاماتها وقرارات الشرعية الدولية وهو ما ترفضه الحركة حتى الآن.
وفى إشارة إلى هجوم 7 أكتوبر قال نزال إنه كان يهدف لتعطيل السلام السعودى-الإسرائيلى الذى قد يؤدى إلى قيام دولة فلسطينية .
مما يضع علامات استفهام حول نوايا حماس الحقيقية بشأن مستقبل الدولة الفلسطينية.
يبدو أن القضية الفلسطينية تدخل مرحلة حرجة مع تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية.
في ظل هذه الظروف يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للفلسطينيين مواجهة هذه التحديات؟.
حركة فتح تتمسك برفض التهجير، وتؤكد أن مستقبل القضية يجب أن يُحسم عبر مفاوضات سياسية قائمة على حل الدولتين. فى المقابل،
يبقى موقف حماس محل جدل وسط اتهامات لها بالسعي إلى تكريس سلطتها فى غزة بأي ثمن.
بينما يستعد العالم لانتخابات أميركية قد تعيد ترامب إلى البيت الأبيض يبقى الفلسطينيون فى مواجهة تحديات غير مسبوقة بين ضغوط التهجير والانقسام الداخلى والموقف العربي المتباين.
ما إذا كانت هذه الأزمات ستقود إلى حلول سياسية أم مزيد من التصعيد فهذا ما ستكشفه الأشهر المقبلة.
