مقالات وآراء

“زيارة في الظل… حكاية نتنياهو والقاهرة بين الحقيقة والإنكار”

بقلم: طارق فتحى السعدنى
بينما تمضي السياسة الدولية بخطوات سريعة ومتشابكة،
تأتينا أحيانا أخبار تشعل الحيرة أكثر مما تقدم الإجابات.
كان هذا هو الحال مع الحديث الذي انتشر مؤخرًا حول زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى القاهرة.
في البداية، أشارت إعلامية إلى أن نتنياهو حلّ ضيفا على العاصمة المصرية في زيارة سرية،
ثم يأتي النفي الرسمي بعدم صحة هذه الأخبار، تاركا وراءه تساؤلات لا تنتهي.
في كواليس المشهد السياسي،
تبرز مثل هذه الروايات كأدوات تستخدمها الأطراف المتصارعة لفرض أجندات أو إرسال رسائل غير مباشرة.
لكن ما بين التأكيد والنفي، تبقى هناك تساؤلات:
ماذا لو كانت الزيارة قد حدثت فعلا؟
وما الذي قد يدفع إلى نفيها؟
ليس جديدًا أن العلاقات بين مصر وإسرائيل، رغم طابعها الرسمي منذ اتفاقية كامب ديفيد، تظل محاطة بسرية وخصوصية. الزيارات التي تتم على مستوى عال غالبا ما تغلف بالسرية لدواعٍ سياسية وإعلامية.
في حالة نتنياهو، الذي يواجه تحديات داخلية وخارجية، يبدو أن الزيارة (إن حدثت) تحمل أبعادًا متعددة.
قد تكون جزءًا من وساطة في قضايا إقليمية شائكة، أو محاولة لتعزيز دور مصر كطرف محوري في قضايا الشرق الأوسط.
لكن لماذا النفي؟
النفي في عالم السياسة أداة قد تكون مساوية للتأكيد في الأثر. أحيانًا، يكون النفي رسالة في حد ذاته،
إما لطمأنة الداخل أو لتجنب حساسيات مع أطراف أخرى.
وفي الحالة المصرية، النفي ربما يعكس الحرص على استقرار الشارع الداخلي،
حيث تبقى العلاقة مع إسرائيل دائمًا ملفًا حساسًا لدى الرأي العام.
اللافت أن توقيت الحديث عن زيارة نتنياهو يتزامن مع توترات إقليمية،
بدءًا من ملف التصعيد الفلسطيني-الإسرائيلي، وصولًا إلى تداعيات التطبيع العربي المتسارع.
في مثل هذه الأجواء، قد تستخدم التسريبات كأداة ضغط أو لقياس ردود الأفعال.
ومع نفي القاهرة للزيارة،
يبقى التساؤل: من المستفيد من إثارة هذا الجدل؟
حقيقة أم مناورة؟
ربما لن نحصل على إجابة واضحة في القريب العاجل.
فمثل هذه الملفات تظل دائمًا غامضة، وتُفتح صفحاتها فقط عندما تجد الأطراف المعنية أن الوقت قد حان.
لكن ما حدث يؤكد مجددًا أن السياسة ليست فقط ما يُقال،
بل ما يُخفى وراء الكواليس، حيث تُصنع القرارات بعيدًا عن الأضواء.
في النهاية، سواء كانت الزيارة قد حدثت أم لا، تبقى حكاية نتنياهو والقاهرة تذكيرا جديدا بأن الشرق الأوسط لا يكف عن مفاجآته،
وأنه في السياسة، ما يظهر للعامة ليس إلا قمة جبل الجليد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock