مقالات وآراء

“بين السطور: كيف تصيغ مصر معادلتها الخاصة بين الاستقرار والتحول؟”

بقلم : طارق فتحى السعدنى
تقف مصر في زمن التحولات المتسارعة إقليميًا وعالميًا، عند مفترق طرق لا يشبه أي مفترق سابق. ليست فقط أمام تحديات اقتصادية أو طموحات تنموية،بل أمام معادلة سياسية بالغة التعقيد:
كيف تحقق الاستقرار الذي تنشده الدولة دون أن تتوقف عجلة التحول السياسي والاجتماعي التي تطمح إليها قطاعات واسعة من المجتمع؟
وبين هذا وذاك، كيف تعيد رسم ملامح نموذجها الخاص، بعيدا عن النماذج المستوردة أو التكرار التاريخي؟
تمكنت الدولة المصرية منذ 2013 وحتى اليوم، من تثبيت أركان النظام العام، وفرضت سياسات أمنية واقتصادية نجحت في بعض الملفات وأثارت الجدل في أخرى.
لكن اللافت أن المشهد المصري لا يمكن قراءته من زاوية فرديه، فهو أكثر تعقيدا من مجرد “استقرار مقابل حرية أو اقتصاد مقابل سياسة”.
و في الوقت الذي تركز فيه الحكومة على ملفات كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وتطوير البنية التحتية، تراجعت الملفات السياسية في المشهد العام، لكنها لم تغب.
بل ظهرت بشكل مختلف: عبر “الحوار الوطني”، وإعادة دمج بعض الأصوات السياسية، والتلميحات المتكررة من الدولة حول “إصلاحات قادمة لكن ببطء محسوب”.
وفى ظل المعارضة المصرية سواء التقليدية أو الجديدة التى تحاول إعادة تعريف نفسها. هناك من يحاول اختراق المشهد من بوابة الاقتصاد، وآخرون يسعون للعودة إلى الفضاء العام عبر قنوات محدودة. وبين هؤلاء وأولئك، تبقى هناك مساحة رمادية واسعة لا تزال بحاجة إلى إعادة إضاءة.
لنرى جيل الشباب ما بعد 2011 بات أكثر حذرا نحو الحلم الذى لا يزال حاضرا، لكن التعبير عنه أصبح أكثر تعقيدا، وأكثر صمتا أحيانا.
فهل نحن في فترة هدوء سياسي مؤقت قد تسبقه موجة جديدة من التغيير؟ يعقبها انفجار ناعم؟
أم أن هذا الجيل بصدد كتابة قواعد اشتباكه الخاصة مع الدولة؟
نجد أن النظام المصري يبدو عازما على الحفاظ على تماسكه الداخلي. لكنه في الوقت نفسه يدرك أن الضغوط الدولية و التحولات الاجتماعية والحقائق الاقتصادية تفرض عليه إعادة التفكير في بعض أدوات الحكم.
فهل ستذهب الدولة نحو “توسيع الهامش”؟ أم أن الأولوية ستبقى لحماية المركز؟
واختتم مقالى بأن ما يجري في مصر لا يمكن اختزاله “اللي بيحصل في مصر ما ينفعش نحكم عليه من اللي ظاهر دلوقتي أو من نظرة تقليدية.”. إنها دولة تعيد تشكيل نفسها بهدوء، وقد تفاجئ الجميع بنموذج سياسي غير مألوف.
ربما ليس ديمقراطيًا بالمعنى التقليدي، ولا سلطويا كما يُروّج له، بل شيئا “مصريا خالصا”… يتشكل الآن، في صمت، وبين السطور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock