صحف وتقارير

استهداف الحوثيين للسفن : هل خطة إسرائيلية خفية لضرب الاقتصاد المصري؟”

جريدة الصوت

بقلم احمد شتيه

 باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى

 

في ظل التصعيد الإقليمي المتسارع، يشهد البحر الأحمر واحدة من أخطر التهديدات المباشرة لحركة التجارة العالمية منذ سنوات،

حيث صعّد الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم على السفن التجارية،

مستهدفين الممر الملاحي الحيوي الذي يربط آسيا بأوروبا عبر قناة السويس،

الأمر الذي فرض تحديات جسيمة ليس فقط على الأمن الملاحي،

بل أيضًا على اقتصادات الدول المطلة على هذا الشريان التجاري الحيوي، وعلى رأسها مصر.

منذ أواخر عام 2023، بدأ الحوثيون بشن هجمات مكثفة بطائرات مسيرة وصواريخ على السفن

التي تمر عبر جنوب البحر الأحمر وباب المندب، مبررين عملياتهم

بأنها رد على دعم بعض الدول لإسرائيل في حربها على غزة.

 

 ورغم الطابع الإقليمي المعلن لهذه الهجمات،

إلا أن تداعياتها باتت تتجاوز البعد العسكري لتضرب عمق النظام التجاري الدولي،

وتجعل من قناة السويس – التي تمر بها

أكثر من 10% من التجارة العالمية – ساحة مواجهة غير مباشرة.

أمام هذه التهديدات المتزايدة،

اتخذت العديد من شركات الشحن العالمية قرارات بتغيير مساراتها لتجنب المرور من قناة السويس،

مفضّلة الإبحار حول رأس الرجاء الصالح رغم زيادة الوقت والتكلفة.

ونتيجة لذلك، شهدت إيرادات قناة السويس انخفاضًا بلغ أكثر من 50%

خلال الأشهر الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق،

مما شكّل ضغطًا اقتصاديًا مباشرًا

على مصر التي تعتمد على إيرادات القناة كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.

كما انعكس تراجع حركة المرور على أنشطة المناطق اللوجستية والموانئ،

وامتد التأثير إلى الاحتياطي النقدي وسعر صرف الجنيه المصري،

مما زاد من أعباء الحكومة في مواجهة التحديات الاقتصادية الأخرى.

رغم التوتر الظاهر بين الحوثيين وإسرائيل،

يرى بعض المحللين أن هناك مصلحة إسرائيلية خفية في تعطيل قناة السويس كخط إمداد

استراتيجي منافس لميناء “إيلات” الإسرائيلي،

والذي تسعى تل أبيب منذ سنوات لجعله بديلًا تجاريًا لقناة السويس

عبر خطوط النقل البري إلى البحر المتوسط ومن هذا المنظور،

قد يبدو مشهد ضرب السفن في البحر الأحمر وكأنه يخدم أجندة مزدوجة،

تُضعف الدور المصري الإقليمي وتخلق فرصًا بديلة لإسرائيل.

في مواجهة هذه التحديات، أمام مصر عدة خيارات استراتيجية: تعزيز التعاون الأمني الإقليمي، خاصة مع الدول العربية المطلة على البحر الأحمر (السعودية، السودان، اليمن الشرعي)، لتأمين الممرات الملاحية وحماية السفن التجارية ، الانخراط في تحالفات بحرية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة وليس تحت قيادة منفردة غربية، لضمان عدم تهميش الدور المصري أو تحجيمه ، تنويع مصادر الدخل القومي من خلال الاستثمار في مشروعات بديلة للقناة، كمناطق صناعية ولوجستية قريبة من السواحل ، تسويق القناة عالميًا كممر أكثر أمانًا حال وجود ضمانات دولية، وتقديم حوافز مؤقتة لجذب الشركات العازفة عن المرور ، فضح الأجندات السياسية التي تهدف لتقويض الدور المصري في التجارة العالمية، عبر الدبلوماسية والإعلام والتحالفات الدولية.

ما يجري في البحر الأحمر ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو معركة خفية على النفوذ والمصالح الاقتصادية الكبرى، ومصر في قلب هذه المواجهة.

وبين تهديدات الحوثيين والمخططات الإسرائيلية المحتملة، يبقى على القاهرة أن تتحرك بسرعة على المستويين الأمني والدبلوماسي لضمان حماية مصالحها الوطنية ودورها كممر عالمي لا غنى عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock