مقالات وآراء

صناديق المصير

 

بقلم : طارق فتحى السعدنى

تمضى بنا الأيام واصحبنا على مقربة من انطلاق المعترك الانتخابي 2025
في عام استثنائي على جميع الأصعدة، وسط حالة من الترقب الشعبي وحراك سياسي مكثف، وتحولات تعيد تشكيل الخريطة الانتخابية من جديد.
ونجد أن انتخابات هذا العام لا تشبه سابقاتها، فالقضية لم تعد مجرد منافسة على المقاعد بل أصبحت اختبارا حقيقيا لقدرة المجتمع على فرز الكفاءات واستعادة الثقة في المسار الديمقراطي.

ما يميز انتخابات 2025 القادمة هو دخول أطياف جديدة إلى الحلبة السياسية؛ شباب متسلح بالوعي، نساء يحملن برامج جادة وقبائل وعائلات أعادت تنظيم صفوفها لتكون رقما صعبا في المعادلة. كما برزت بقوة وسائل الإعلام المحلي ومواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى ساحة مؤثرة في صناعة الرأي العام وتشكيل اتجاهات الناخبين وكسرت احتكار الصورة النمطية للمرشح التقليدي.

و ستكشف لنا الأيام القادمة الكثير من المرشحين الذين لا يزالون يدورون في فلك الشعارات المكررة دون أن يقدموا برامج عملية قابلة للتنفيذ.
لكن اللافت للنظر أن الناخبين اليوم أكثر وعيا ونضجًدا،
يبحثون عمّن يخاطب عقولهم لا عواطفهم، ويملكون رؤية واضحة وخطة عمل واقعية بعيدا عن البهرجة والوعود الفضفاضة.

قد لحظنا فى الاستحقاقات الانتخابية السابقة على الرغم من القوانين الرادعة سيطرت مظاهر المال السياسي تطل برأسها في بعض الدوائر،
لكن المدهش في هذا الاستحقاق هو تصاعد الوعي الشعبي بخطورة تلك الظاهرة، ورفض كثير من المواطنين بيع أصواتهم.
فقد بات الصوت الانتخابي اليوم رمزا للكرامة وأداة للتغيير، لا مجرد ورقة في صندوق.

فقد نما أعلمنا هذه المرة أن الهيئة الوطنية للانتخابات تؤكد التزامها بالحياد والنزاهة،
وتتعهد بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء،
فيما تقوم الجهات الرقابية بدور نشط في رصد أي تجاوزات.
وفي المقابل يتحمل المجتمع المدني والإعلام والنخب الفكرية مسؤولية كبرى في توعية الناخبين ومراقبة نزاهة العملية برمتها،
بما يضمن تحقيق مشاركة إيجابية وفعّالة.

وإذا كانت الأنظار تتجه الآن إلى يوم التصويت وإعلان النتائج،
فإن المعركة الحقيقية تبدأ بعدها.
فالفائز ليس من ينجح في حشد الأصوات، بل من يستطيع تحويل تلك الأصوات إلى مواقف وخدمة وتشريعات تعود بالنفع على الناس.

البرلمان ليس منصة للوجاهة أو المصالح، بل ساحة للعمل والمساءلة والتشريع.

هكذا تبدو صورة انتخابات 2025: ميدان مفتوح للتغيير وفرصة تاريخية لتجديد الثقة في السياسة والمؤسسات،
واختبارا حقيقيًا لوعي الشعوب وقدرتها على صناعة مستقبلها بإرادة حرة وصوت لا يشترى وكرامة لا تُباع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock