
الفكرة والكتابة – نيفين صلاح
تتسارع الحياة حولنا، ونجد أنفسنا غارقين في زحام الأيام، نبحث عن الكبير، عن الإنجاز العظيم، عن اللحظة التي تُغير مجرى حياتنا. لكن، ماذا لو أخبرتك أن العظمة ليست في تلك اللحظة الوحيدة، بل في تفاصيل الحياة الصغيرة التي نتجاهلها؟
في كل صباح نستيقظ فيه، هناك فرصة جديدة لصنع قصة مختلفة. قصة لا تحتاج إلى أحداث ضخمة أو نجاحات باهرة، بل تحتاج إلى عين ترى، وقلب يشعر. التفاصيل الصغيرة، تلك اللحظات العابرة التي تمر كنسمة خفيفة، هي ما يشكل نسيج حياتنا الحقيقي.
أتذكر حين كنت أراقب طفلين يلعبان في الحديقة، حيث كانا يتشاركان ابتسامة بريئة، وفجأة لمحت الفرق الصغير بينهما — ربما نقطة في خد أحدهما أو طريقة تمييز في ابتسامته. هذه التفاصيل الصغيرة التي قد تغيب عن أعيننا، تحمل معها قصة كاملة. قصة عن التفرّد، عن اختلاف بسيط يخلق جمالًا فريدًا.
الفرق بيننا وبين الآخرين لا يكمن دائمًا في الإنجازات الكبرى، بل في تلك التفاصيل التي نصنعها، في كيفية تعاملنا مع اللحظة، في قدرتنا على التركيز على ما هو مهم حقًا. القدرة على ملاحظة التفاصيل الدقيقة، على التوقف للحظة والتأمل، هي ما يميز الإنسان الحكيم، الذي يعرف كيف يصنع من حياته لوحة فنية متكاملة.
في عالم يسرقنا من الحاضر، علينا أن نتعلم فن التوقف. التوقف عن الركض خلف الأشياء الكبيرة فقط، والتفرغ للنظر في التفاصيل، في اللمسات الصغيرة التي تغير المشهد بأكمله. لأن السعادة الحقيقية ليست في الوصول لمكان معين، بل في الاستمتاع بكل خطوة على الطريق.
لنحاول أن نصنع من تفاصيلنا الصغيرة قصصًا عظيمة، نرويها لأطفالنا، لأصدقائنا، لأنفسنا. قصص تعبر عن حياة مليئة بالوعي، بالحب، بالانتباه. هكذا، تتحول حياتنا من مجرد مرور وقت إلى رحلة تستحق أن تُعاش بكل معانيها.