
متابعة- الكاتب الصحفي الفني عمر ماهر
دوّن النجم علاء مرسي على حسابه الشخصي رسالة مؤثرة إلى روح الراحل الكبير لطفي لبيب، فكتب بكلماتٍ نابعة من القلب: “ربنا يرزقك الرحمة والسرور في مكانك يا صديق، يا صادق، يا مبدع.
لطفي لبيب حبيبي.”، كلمات قصيرة ولكنها محمّلة بذاكرةٍ طويلة من المواقف واللحظات التي جمعت بين فنانين كبيرين جمعتهما المحبة قبل أي شيء آخر. وفي هذه الكلمات الموجزة، يختصر علاء مرسي شعور جيلٍ كامل تجاه فنانٍ رحل بجسده، لكنه باقٍ في القلوب والذاكرة الفنية، كابتسامةٍ لا تزول وملامح لا يمكن أن تنسى مهما مرّ الزمن.
لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل في عيون زملائه ولا مجرد نجم في ذاكرة الجمهور، بل كان حالة إنسانية استثنائية، شخصاً يحمل في حضوره خفة دم ودفء قلب، يترك أثره في كل كواليس وكل مشهد، في كل ضحكة وبين كل كلمة، لذلك جاء وداع علاء مرسي له مختلفاً؛ وداعاً نابعاً من علاقة صداقة صافية ورفقة مشوار طويل، علاقة يلونها الاحترام المتبادل ويغلفها الحب الخالص بلا أي تصنع، وكأن مرسي حين كتب هذه الجملة البسيطة، كتب حكاية عمرٍ كامل مع فنانٍ جمع بين الموهبة النادرة والتواضع الراقي.
وإذا تأملنا في هذه الكلمات، نجد أنّها تعكس فلسفة الفن الحقيقي وروح الوسط الفني حين تكون صافية: ليست مجرد أدوار ومسارح وأضواء كاميرات، بل هي مواقف إنسانية خالصة ولحظات صداقة صافية تختصر حياة كاملة في جملة واحدة، “يا صديق يا صادق يا مبدع”، ثلاث صفات تشكّل ملامح شخصية لطفي لبيب كما رآه الجميع، فهو الصديق الذي يقف بجانب زملائه بلا تردد، والصادق الذي لا يعرف المجاملة الزائفة، والمبدع الذي ترك بصمةً في كل عمل شارك فيه، من أصغر الأدوار إلى أعظمها.
اللافت أنّ هذه الرسالة التي نشرها علاء مرسي لم تمر مرور الكرام على محبي لطفي لبيب ولا على زملاء الوسط الفني، فقد تفاعل معها الجمهور بشدة، وأعاد الكثيرون مشاركتها مع كلمات تعزية ودعاء بالرحمة والمغفرة للراحل، مؤكدين أن الفنان الذي يزرع الحب في قلوب الناس يحصد ذكراً جميلاً بعد رحيله، تماماً كما حصل مع لطفي لبيب، الذي بقي اسمه محفوراً في ذاكرة المصريين والعرب كواحد من أيقونات الأداء الصادق والبساطة الساحرة.
إنّ رحيل لطفي لبيب لا يُشعر بالحزن وحده، بل يُذكّرنا أيضاً بقيمة العلاقات الإنسانية في عالم الفن الذي يظنه البعض قاسياً وبارداً، بينما هو في عمقه مليء بالمحبة والوفاء، بدليل هذه الرسائل الصادقة التي تنطلق من قلوب زملائه. وعلاء مرسي، حين كتب كلماته المؤثرة، لم يكن يودّع مجرد زميل، بل يودّع قطعة من ذاكرة شخصية ومهنية غنية بالذكريات واللحظات التي لن تتكرّر. وفي النهاية، تبقى هذه الرسائل الإنسانية، مهما كانت بسيطة، هي الأجمل والأصدق، لأنها لا تحتاج إلى بهرجة ولا إلى مشهدية، يكفي أنّها تصل من القلب إلى القلب، وتترك أثراً لا يزول مع الأيام.