
بقلم الكاتب – محمد الرفاعي
لم تنتهِ القصة يوم افترقنا…
بل بدأت فصولها الأخرى في صمتٍ طويل.
ما زلت أحبها، رغم كل شيء.
رغم المسافات، رغم الغياب، رغم الزمن الذي حاول أن يسرقها من قلبي، لكنه فشل.
كنت أبحث عنها خفية…
أبحث في ملامح العابرين، في الحروف، في الأغاني، حتى وجدت أثرها في زاوية بعيدة من “السوشيال ميديا”.
بدأت أتابع أخبارها من بعيد… صورة جديدة، منشور عابر، تعليق قديم، وكلها كانت بمثابة نبضٍ صغير يعيد الحياة لقلبي الميّت بالشوق.
ظللت أراقب بصمت…
ثم تجرأت أخيرًا، وبعثت لها طلب صداقة على “فيسبوك”.
كنت أظنها لن تقبل… لكنها قبلت.
وكانت تلك “القبول” رسالة لا يمكن تجاهلها.
بدأنا نتحدث من جديد…
حديث خفيف، مرتبك، يشبه الخطوات الأولى على أرض باردة.
ثم اختفت فجأة.
اختفاؤها أوجعني أكثر من فراقنا الأول.
لكنها عادت…
كأنّ القدر يمنحني فرصة أخرى.
والأغرب؟
التقينا وجهًا لوجه… صدفة، في محطة القطار.
كانت تقف هناك، بنفس الملامح التي حفظها قلبي عن ظهر عشق.
وبدأ الحديث…
كأن الزمن عاد إلى الوراء، وكأن كلّ ما بيننا لم ينكسر.
تحدثنا كثيرًا، ضحكنا قليلًا، وصمتنا كثيرًا…
ثم أخيرًا، صارحتها بما في قلبي.
أخبرتها أنني لم أنسَ، وأن الحب لم ينطفئ، بل كان ينتظرها…
ينتظر تلك اللحظة، في محطة مزدحمة، ليعود من جديد.
وفي النهاية
ابتسمت بهدوء، وقالت:
“أنا سعيدة إنك ما زلت بتفتكرني… بس اللي بينا كان زمان.”
ثم نظرت إلى القطار الواقف، وقالت وهي تهم بالصعود:
“خليك بخير دايمًا…”
ورحلت.
وقفت مكاني، أحدّق في ظهرها يبتعد، وكل ما في داخلي ينهار بهدوء.
ربما أحببتها في الوقت الخطأ…
أو ربما القدر أراد أن يُعيدنا لنفترق مرةً أخرى، لكن بوعيٍ أشدّ، ووجعٍ أعمق.