
متابعة / محمد نجم الدين وهبي
عاصفة أحدثتها وما زالت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن قطاع غزة التي أطلقها خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض وأعلن خلالها عن خطة أميركية لتهجير كل أهالي قطاع غزة حتى الانتهاء من إعادة إعمار القطاع.
ترمب يبدو أنه غير أبه بما أحدثته تصريحاته من ردود فعل رافضة وأصوات شعبية غاضبة فخرج اليوم ليعلن تمسكه بخطته.
ترمب يتمسك بتهجير سكان غزة
لم يكتفِ ترمب بذلك التمسك بل بدأ برسم ملامحها بإعلانه أن الولايات المتحدة ستتسلم قطاع غزة من إسرائيل بعد انتهاء القتال مباشرة.
الرئيس الأميركي نوه أيضا بأن سكان غزة سيُعاد توطينهم في مجتمعات أكثر أمانا، مشيرا إلى أن بلاده ستعمل مع فرق تطوير من أنحاء العالم للتشييد في غزة.
أما على الجانب الإسرائيلي فيبدو أن قادة الاحتلال بدأوا في تلقي رسائل ترمب لترجمتها على أرض الواقع، فوزير الجيش يسرائيل كاتس وجه بإعداد مخطط لتهجير أهالي قطاع غزة.
وزير الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير قال إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعطى ضوءا أخضر، وأنه لا أعذار لنتنياهو لتنفيذ الخطة.
رفض عربي وأوروبي
في المقابل، طالبت حركة حماس بعقد قمة عربية طارئة لمواجهة مشروع تهجير سكان قطاع غزة. واعتبرت تصريحات ترمب عن استلام واشنطن لغزة بمثابة إرادة معلنة لاحتلال القطاع.
أما عربيا، فحذرت مصر من تداعيات التصريحات الصادرة عن أعضاء بالحكومة الإسرائيلية حول بدء تنفيذ مخطط لتهجير الشعب الفلسطيني من غزة.
كما شددت على رفض أي طرح أو تصور يستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وأعلنت المملكة العربية السعودية أن موقفها من قيام دولة فلسطينية غير قابل للتفاوض.
ووصفت جامعة الدول العربية، مقترح ترمب بأنه انتهاك صارخ لحقوق الفلسطينيين.
فيما أكدت ألمانيا، أن قطاع غزة ملك للفلسطينيين وطردهم غير مقبول، وقالت بريطانيا: «يجب ضمان مستقبل مشرق للفلسطينيين في قطاع غزة».
فرنسا أكدت من جهتها، أن تهجير الفلسطينيين انتهاك خطير للقانون الدولي، واعتبرت البرازيل أن اقتراح ترمب بشأن غزة لا معنى له.
حول خطة ترمب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، دارت نقاشات في حلقة اليوم الخميس ببرنامج «مدار الغد» الذي يعرض عبر قناة «الغد»، تحدث من القدس المحتلة، الدكتور محمد هلسة الأكاديمي والباحث في الشؤون الإسرائيلية.
الدكتور محمد هلسة، قال إن هذا الاحتلال الاستعماري لم يأتِ ليتصالح مع أهل هذه المنطقة ويتعايش معهم، هذا احتلال يسعى منذ أن بدأ لأن يبني روايته على أنقاض وجود الشعب الفلسطيني وحياته وبقائه.
هلسة أضاف، أنه ربما في سردية الحركة الصهيونية التي رفعت شعار أرض بلا شعب لشعب بلا أرض يعني ما يؤكد أن ما يصرح به ترمب اليوم يتقاطع مع رغبات وشهوات هذا اليمين الصهيوني في تحقيق الأطماع التي ظلت تحاول الحركة الصهيونية وإسرائيل أن تجد لها متنفسا، واليوم يظهر أن هذا الحلم الذي راود قيادة الصهيونية وإسرائيل قد ينقلب واقعا.
وتابع أن تصريحات الرئيس الأميركي تريد أن تجعل من المستحيل احتمالا وإن كان يتبدى فيها ضرب من الجنون، وإن كانت تتجاوز كل الخطوط الحمراء وإن كانت تضرب في تراتبية المنظومة الدولية وتمس وتطال في انفلاتها ما هو يتجاوز حدود الجغرافيا الفلسطينية، وربما سبقها بحديثه عن كندا وضمها وضم جزيرة غرينلاند، وبنما، إذًا لا غرابة أن يأتي مثل هذا الكلام من الرئيس الأميركي ويجب ألا يُؤخذ هذا الأمر باستخفاف من قبل الفلسطينيين والعرب ومن قبل المنظومة الدولية.
ذكر أن حقيقة ردود الفعل التي تأتي من المنظومة الدولية تعبر عن مدى القلق الدولي من مثل هذا الانفلات الجنوني، فالتقاطع في النوايا وفي الرغبات والترحيب الإسرائيلي يؤكد أن الانسجام لا يأتي إلا من الطرف الإسرائيلي والترحيب لا يأتي إلا من الطرف الإسرائيلي.
وقال «السؤال حول مدى تحقق مثل هذه الدعوات منوط بإمكان تنفيذها، هل يترك لترمب أن ينفذها؟ هل يترك له المجال أن يذهب في حدود جنونه إلى أن يحول المستحيل واقعا يفرضه.
أستاذ الطب النفسي، الدكتور فضل عاشور قال لـ«مدار الغد»، إن الجميع متفق على أن ترمب شخصية نرجسية، وغير مستقر عاطفيا، مشيرًا إلى أنه طلق عدة مرات على مدى حياته، بالإضافة إلى الخيانات الزوجية، وعدم الاحتفاظ بالصداقات.
وأضاف أن شخصية ترمب النرجسية تجعله يشعر بـ«عبقريته وأهميته المفرطة وأن له حق الأولوية»، كما أنه يشعر بأن أبسط إنجاز هو فذ وعبقري، مشيرًا إلى تكراره أنه أنجز في 24 ساعة ما عجز عنه الرئيس جو بايدن خلال سن سنة أو سنتين من وقف إطلاق النار في غزة.
وأوضح أن هذه الشخص قد يكون عدوانيا في أي لحظة يشعر فيها برفض آرائه وعدم تقبلها بسهولة، وأنه من الممكن أن يدخل في صراع متوحش مع الآخرين.
العودة للقتال
وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش قال في مقابلة مع البودكاست السياسي «120 وواحد» عبر موقع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية إن إسرائيل مشغولة منذ أشهر بالإعداد لخطة تهجير سكان غزة من القطاع.
وأضاف سموتريتش أن ذلك كان من وراء الكواليس بسبب خشية رد فعل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.
وتابع سموتريتش، أنّ إسرائيل ستعود للقتال المكثف في غزة بعد إتمام المرحلة الأولى للصفقة.
ورأى أن ترجمة خطة ترمب بشأن تهجير سكان غزة إلى دول أخرى تتطلب جهدًا كبيرًا، مضيفًا «نحن نصر على فعل ذلك، ولا أستطيع كشف المزيد من التفاصيل».
وأكد أن إسرائيل ستعمل قدر الإمكان على إعادة أكبر عدد من المحتجزين الإسرائيليين، وسنعاود القتال في غزة إذا لم تستسلم حركة حماس.
وقال إنه «من المستحيل تدمير حماس دون تدمير قدراتها المدنية»، مضيفًا «لقد جلبت حماس 1.3 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة عشر التي استغرقتها الحرب. وهذا يعتبر فشلا» بحسب قوله.