
بقلم احمد شتيه
عندما تكون لديك دولة قوية صاحبة قرار تمتلك جيشا من اقوى واقدم جيوش العالم وقيادة سياسية واعية يقف خلفها اكثر من ١٠٠ مليون مصرى واثقين فى رئيسهم وجيشهم يدرك الجميع ان كل القضايا والازمات فى المنطقة يتم حلها وفقا لتوقيت القاهرة.
تقف القاهرة صامدة فى وجه التحديات التى تواجه امنها القومى والاقليمى وسط عاصفة من الاحداث المتسارعة والتى تشكل تهديد مباشر لامنها القومى ومحيطها العربى ،والتى كانت مصرا دوما الحصن المنيع والمدافع الاول عن الحقوق المسلوبة من الشعب الفلسطيني قضية تمس امن المنطقة واستقراها .
في قلب المشهد الإقليمي المتوتر، تقف القاهرة، بثقلها السياسي والتاريخي، أمام ضغوط غير مسبوقة تستهدف موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق برفض تهجير الفلسطينيين من غزة، والمضي قدمًا في إعادة إعمار القطاع رغم العوائق والعراقيل. وعلى الرغم من الإغراءات الدبلوماسية والتهديدات المتزايدة، لا تزال مصر تُصر على موقفها الوطني، مدركة أن أي تراجع يعني تكريس واقع جديد لا يخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي.
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، تزايدت المخاوف من محاولات تهجير السكان الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء، وهو أمر يتناقض مع الثوابت المصرية التي تعتبره خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه. في هذا السياق، رفضت القاهرة بشكل قاطع أي حديث عن إقامة مخيمات للفلسطينيين في الأراضي المصرية، مؤكدة أن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وليس تصفية القضية عبر التهجير القسري.
وتأتي الضغوط الدولية، وخاصة من واشنطن، في إطار محاولات لإقناع مصر بالتساهل في هذا الملف، سواء عبر تقديم حوافز اقتصادية أو التلويح بعقوبات دبلوماسية واقتصادية. لكن القاهرة تدرك أن السماح بتهجير الفلسطينيين يعني منح إسرائيل ضوءًا أخضر لمواصلة مخططها الاستيطاني، وهو ما يتعارض مع المصالح الوطنية المصرية والأمن القومي للبلاد.
على الجانب الآخر، تعمل مصر جاهدة على دفع جهود إعادة إعمار غزة، رغم العراقيل التي تضعها إسرائيل لعرقلة دخول مواد البناء والمساعدات الإنسانية. فمنذ توقيع اتفاقيات التهدئة السابقة، التزمت القاهرة بإعادة تأهيل البنية التحتية للقطاع، معتبرة أن تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة.
ورغم التعهدات الأمريكية السابقة والتعهدات الدولية بالمساهمة في عملية إعادة الإعمار، فإن هذه الوعود تصطدم بمعادلة سياسية معقدة، إذ تحاول واشنطن ربط الدعم الاقتصادي بشروط سياسية تخدم مصالح إسرائيل، وهو ما ترفضه مصر التي تؤكد أن الإعمار يجب أن يتم وفقًا لاحتياجات الفلسطينيين وليس وفقًا لإملاءات سياسية خارجية.
لم تتوقف واشنطن عن ممارسة ضغوطها على القاهرة، مستخدمة أساليب متعددة تتراوح بين التهديد بفرض عقوبات اقتصادية وتقليص المساعدات العسكرية، وبين تقديم عروض مالية واستثمارات في مقابل تغيير الموقف المصري. غير أن القيادة المصرية، التي تدرك أبعاد اللعبة السياسية، تتعامل بحكمة مع هذه الضغوط، مستندة إلى تحالفات إقليمية ودولية متوازنة، وإلى دعم عربي يتفهم خطورة تهجير الفلسطينيين على الأمن القومي العربي ككل.
عند الحديث عن القضية الفلسطينية، فإن القاهرة تنطلق من موقف مبدئي لا يقبل المساومة، وهو موقف مدعوم بتاريخ طويل من الدفاع عن حقوق الفلسطينيين. وبين الضغوط الدولية، والمناورات السياسية، والتحديات الاقتصادية، تواصل مصر دورها التاريخي، مؤمنة بأن أمنها القومي يبدأ من استقرار حدودها الشرقية، وبأن القضية الفلسطينية ليست مجرد ورقة ضغط، بل مسألة أمن قومي واستراتيجي.
تٌثبت مصر، مرة أخرى، أنها ليست دولة تخضع للابتزاز، بل قوة إقليمية تعرف متى تصمد ومتى تتحرك، وفقًا لمصالحها الوطنية، ووفقًا لتوقيت القاهرة، لا توقيت الضغوط الخارجية.