دين ومجتمع

موائد الرحمن ..تقليد مهدد بشبح “التضخم”

كتبت:هيام فايز
اعتاد المصريون سنوياً مع حلول شهر رمضان المبارك إقامة موائد الرحمن كنوع من أنواع التأخى ونشر المحبة والوئام وهى تعتبر تقليد رمضاني ووجه من أوجه الصدقات لإفطار المسافرين الصائمين والفقراء، إلا أن هذا العام، وبفعل الغلاء، لم تظهر الموائد في مكانها المعتاد.
ومع زيادة التضخم الذى ألقى بظلاله على الأسعار لم يتمكن الكثير وبخاصة البسطاء من الإبقاء على هذا التقليد مما أدى الى تراجع عدد موائد الرحمن بالمحافظات بشكل ملحوظ.
ومع موجة الغلاء التى ضربت السلع والإرتفاعات المتتالية فى الأسعار التى خلفت ورائها أعباء اقتصادية ثقيلة أرهقت مختلف فئات المصريين أصبحت فكرة موائد الرحمن ضرب من المستحيل وبخاصة ان كثير من المواطنين كانوا يلجأون لها كنوع من الصدقة والإحسان.
ان موائد الرحمن من المظاهر المرتبطة بشهر رمضان الكريم في مصر، منذ عهد السلطان أحمد بن طولون عام 880 ميلادية؛ حيث تُستخدم بوصفها صورة من صور التضامن والتكافل، ووجهاً من وجوه الصدقات.
وقد أظهرت دراسة اجراها مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عام 2018 حول الموائد الرمضانية؛ أنه يتم انفاق مليار جنيه مصري خلال شهر رمضان.
بينما أشارت الدراسة ان الإنفاق حالياً على تلك الموائد يتراوح ما بين 40 و55 مليون جنيه الأمر الذى يوضح ان الظروف الاقتصادية أثرت بشكل كبير على المصريين وبخاصة مع ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، وزيادة معدل التضخم.
أن الطبقة المتوسطة التى كانت قادرة وحريصة على اقامة موائد الرحمن كل عام، وكانت تضم مهنيين وتجاراً وغيرهم، تحولت من طبقة قادرة إلى طبقة ضعيفة، نظرأ لتأثرها بشكل كبير بحالة الغلاء التي تشهدها السلع والمنتجات، وبالتالي لم تعد قادرة على الإنفاق على الموائد.
ويمكن تقسيم موائد الرحمن إلى 3 فئات من حيث أماكن وجودها: الأولى والثانية توجدان في المناطق الأقل فقراً والمتوسطة، وهما أكثر تأثراً بشكل مباشر وكبير؛ حيث اختفت أو قلت أعداد الموائد فيها، والفئة الثالثة هي ذات الدخل المرتفع التي جاء تأثر الموائد فيها بشكل نسبي، كما ان هناك بعض المشاهير اعتادوا إقامة موائد رحمن بشكل سنوي، ولكن هذا الأمر اختفى هذا العام.
ان هذه الموائد قد أختفت بشكل ملحوظ فى الاحياء الشعبية وتم الإكتفاء بتوزيع العصائر والتمر والماء فى الشوارع وقت الإفطار، كما تراجع عددها فى كثير من الأحياء الراقية.
ان تراجع موائد الأحياء الشعبية، أفسح الطريق أمام موائد تابعة لجمعيات خيرية كبرى، مثل إقامة “التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي” في مصر أكبر مائدة رمضانية بمحافظة الجيزة، تتسع لنحو 7 آلاف ضيف يومياً طوال الشهر الكريم، ضمن “حملة إفطار صائم”.
ان موائد الرحمن تعد مظهرا من مظاهر البهجة الرمضانية ويستفيد منها عدد كبير من الصائمين المسافرين والطلبة المغتربين وغيرهم ويجب المحافظة على هذا التقليد من الإنقراض عن طريق مساهمة التجار بخفض أسعار السلع المخصصة لهذه الموائد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock