صحف وتقارير

إسرائيــــ.ــل من صدمة السابع من أكتوبر إلى حافة العصيان المدني وملاحقة الجنائية الدولية

بقلم احمد شتيه
باحث فى الشأن الشأن الاستراتيجي والأمن القومي
شهدت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 تحولاً دراماتيكياً عميقاً، إثر الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على المستوطنات والمواقع العسكرية في غلاف غزة، فيما عرف بـ”عملية الطوفان الأقصى” ،هذه العملية لم تكن مجرد ضربة أمنية موجعة، بل كانت الشرارة التي أطلقت سلسلة من الزلازل الداخلية الإسرائيلية، التي أخذت تتفاقم حتى وصلت إلى دعوات للعصيان المدني وعرائض جنود تطالب بوقف الحرب.
في الأيام الأولى بعد السابع من أكتوبر، تلاحم الشارع الإسرائيلي خلف قيادته، مدفوعاً بالذهول والغضب إلا أن هذا التلاحم سرعان ما بدأ يتآكل مع اتضاح حجم الفشل الأمني والعسكري، وارتفاع أعداد القتلى والمصابين في صفوف الجنود والمدنيين بدأت الأصوات الناقدة تتعالى، ليس فقط ضد الحكومة ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والتى تلاحقه الجنائية الدولية والمؤسسات الحقوقية والاممية والتى امتدت الى المؤسسة الأمنية والعسكرية بأكملها .
مع اتساع رقعة الحرب ودخول الجيش الإسرائيلي في معارك دامية داخل قطاع غزة، تصاعدت الخسائر اليومية ومقابل ذلك، بدأت العائلات الثكلى والمجتمع المدني في الداخل الإسرائيلي بالتساؤل عن جدوى استمرار الحرب، وعن الأفق السياسي الذي يبدو غائباً تماماً، معاناة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وتزايد أعداد الجنود القتلى، فاقمت مشاعر السخط وعدم الثقة.
في هذه الأجواء، ظهرت بوادر التمرد المدني نظمت أسر الجنود والأسرى مظاهرات مطالبة بإبرام صفقات تبادل أسرى ووقف العمليات العسكرية ومع تعنت القيادة السياسية، خصوصاً نتنياهو، ورفضه الانخراط الجاد في مفاوضات قد تؤدي إلى وقف إطلاق النار، تصاعدت الاحتجاجات.
تدريجياً، بدأنا نرى تحولات غير مسبوقة صدرت عرائض موقعة من مئات الجنود، ومن بينهم عناصر من قوات الاحتياط، تطالب بوقف الحرب وتنتقد القيادات السياسية والعسكرية العديد من الضباط السابقين انضموا لهذه الدعوات، محذرين من أن إسرائيل تواجه خطر الانقسام الداخلي وفقدان ثقة الجمهور بالجيش، العمود الفقري للدولة العبرية.
الاحتجاجات تطورت من مطالبات بوقف الحرب إلى تحركات واسعة تدعو لعصيان مدني منظم بعض المجموعات دعت إلى الامتناع عن الخدمة العسكرية، وبرزت دعوات لإضراب عام في مؤسسات حيوية كوسيلة للضغط على الحكومة للقبول بوقف الحرب والبدء في مفاوضات سياسية جدية.
اليوم، تبدو إسرائيل وكأنها تقف أمام مفترق طرق مصيري ، استمرار الحرب يهدد بتفجير أزمة داخلية قد تفقد الدولة العبرية تماسكها الاجتماعي والسياسي او الرضوخ للضغوط الداخلية ووقف العمليات العسكرية، فسيحمل بدوره تداعيات سياسية وأمنية كبيرة، سواء داخلياً أو إقليمياً.
لقد كشفت حرب غزة عن تصدعات عميقة في البنية السياسية والاجتماعية الإسرائيلية، تصدعات كانت كامنة وتفاقمت تحت وطأة الخسائر والقرارات المثيرة للجدل. وإذا لم تبادر القيادة الإسرائيلية إلى إدارة الأزمة بحكمة ومسؤولية، فإن القادم قد يحمل ما هو أخطر من مجرد احتجاجات، بل قد نكون أمام مشهد لعصيان مدني واسع النطاق يغير شكل المعادلة السياسية برمتها داخل إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock