الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وهدى به إلى صراط مستقيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة نرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فضائل الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وإن من الأعمال الصالحه التي يستحب فعلها في أيام العشر هي الأضحيـة، وقد شرعت الأضاحي تقربا إلى الله بدمائها، وتصدقا على الفقراء بلحمها، والأضحية من شعائر الإسلام، وهي رمز للتضحية والفداء.
وسنة أبي الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام ، وهي أحب الأعمال إلى الله في يوم العيد، والأضحية سنة مؤكدة يُكره للقادر تركها، وتجنب في إختيار الأضحية العوراء والعرجاء والمريضة والهزيلة والعضباء والهتماء، وأفضلها أكرمها وأسمنها وأغلاها ثمنا وقم بذبحها بنفسك، وإذا وكلت أحدا غيرك فلا بأس بذلك، وأرفق بالأضحية عند ذبحها، فلا تحد السكين أمامها، ومكنها من الأكل والشرب قبل ذلك، وحدّ شفرتك قبل ذبحها، ولا تذبح واحدة بحضرة الأخرى، فيا أخي الكريم انوي بالأضحية البر والصلة، وتحقيق التكافل، وإطعام الطعام، وإدخال السرور على الفقراء، ومواساة الجائع، وكما أن من الأعمال الصالحه التي يستحب الإكثار منها في أيام العشر هي الدعاء، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” خير الدعاء دعاء يوم عرفة،
وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير” رواه الترمذي، وقال ابن عبد البر ” وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي الحديث أيضا دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب” فيا أيها المسلم إذا جُمع مع الدعاء حضور القلب وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان وبين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعا في القلب وإنكسارا بين يدي الرب وإستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والإستغفار.
وألحّ على الله تعالي في المسألة، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وقدم بين يدي دعائه صدقة، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا بأذن الله تعالي، واعلموا أن يوم عرفة يوم العتق من النار، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار” رواه مسلم، قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه “ليس في الأرض يوم إلا لله فيه عتقاء من النار، وليس يوم أكثر فيه عتقا للرقاب من يوم عرفة، فأكثر فيه أن تقول اللهم أعتق رقبتي من النار” وخير الدعاء يوم عرفة فاجمع امورك أخي الحبيب، واكتب ما تريده من الله تعالي، وادع لدينك ولنفسك ولأهلك ولبلدك ولأمتك، أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا وإياك الى فعل كل خير واجتناب كل شر، وأن يكتب لنا وإياك في هذه الأيام المبارك خير ما كتبه لعباده الصالحين، وصلي الله اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.