
كتبها لكم :سيف محمد كامل
كانت الغرفة قاتمة، مملوءة بظلالٍ كثيفة تلتهم الضوء كما لو أنها تخشى الحياة
الأجواء مشحونة بالكآبة، حتى أن كل نفس كان يبدو كأنَّه يصارع للبقاء.
لكن وسط هذا اللامعقول، كانت هنالك لحظات غريبة… كأن المواقف تحاول السخرية من جاذبية هذا المأساة التي تحيط بالشخصيات.
“لن يكون كل شيء بهذا السوء، أليس كذلك؟”
آدم كان ينظر إلى إيلا وكأنها الوحيدة التي يمكن أن تخرجه من هذا الجنون ،كانت عيونها تنبض بالذكاء الغريب، وكأنها تدرك أن كل شيء هنا مسرحية هزلية مرعبة، كان الحبل المربوط حول رقبتها كالعقد الذي يربط هذا الجنون بأسمالٍ قاتمة.
آدم: “هل فكرتِ يومًا في أننا ربما نعيش في حلقة زمنية لا تنتهي؟”
إيلا: “ربما إن كانت هذه حلقة زمنية فلتكن فيلمًا من إنتاج هوليوود، على الأقل سنحصل على جوائز
آدم: “جوائز؟ لم نفكر في الجوائز، لكن يمكننا دائمًا تسويق قصتنا: ‘ضحية في قبضة قاتل لا يتوقف’ أتوقع أن نبيع الحقوق للتلفزيون.”
“بينما نحن نضحك، هناك قلوب تُقطع لكن من قال أن الحياة لا تحمل مواقف غريبة؟”
ووسط هذا الحديث الساخر، كان “المفترس” يراقبهم بصمت. كان يقف في الزاوية مثل ظل الموت الذي يراقب أرواحهم الضائعة لم يحرك ساكنًا، ولم يعلق على حديثهم كان في عينيه بريق من اللامبالاة، وكأن هذا هو أسلوبه المعتاد في التفاعل مع البشر كان هادئًا كصمت البحر قبل العاصفة.
آدم شعر بنوع من الراحة الغريبة أليس غريبًا أن يشعر الإنسان بالراحة عندما يكون في يد القاتل؟ لكنه قرر أن يحاول رفع معنوياتهم، حتى لو كان سلوكًا سخيفًا في وسط هذا المكان القاتم.
آدم: “لنصنع فيلمًا من هذا ‘الدماء على الجدران، وقصة حب في الظلام’” وقال ذلك وهو يتمايل بحركة كوميدية، محاكيًا مشهدًا تافهًا من أفلام الرعب، لكن في عمق عينيه كان هناك شيء آخر، خوف لا يُقال، حزن لا يُرى.
إيلا ابتسمت بشكل ساخر وقالت: “‘قصتكَ تصلح لكونها فيلمًا، لكن هناك مشكلة صغيرة… نحن الآن لا نملك أي حقوق” ثم تابعت: “أو لنكن واقعيين أكثر: نحن لا نملك شيئًا هنا نحن مجرد ضيوف في جهنم.”
“في كل مرة تظن أن الأمور في القاع، تأتي اللحظة التي تضيع فيها أملًا في كل شيء… ثم تأتي فرصة مضحكة.”
وفي تلك اللحظة، حدث شيء غير متوقع السقف اهتز قليلًا، ثم سقطت قطعة من الحطام على رأس آدم. كان صوت السقوط عاليًا وصارخًا لدرجة أن الجميع تجمدوا للحظة لكن آدم، رغم الألم الذي شعر به، سقط على الأرض متظاهرًا بالموت، ممسكًا برأسه كما لو أنه يُصوِّر مشهدًا كوميديًا مبالغًا فيه.
آدم: “هل تريدونها كوميديا؟ هذا هو حظي!” وقال ذلك وهو يتلوى على الأرض، وقد زادت جرعة السخرية في صوته. ثم نظر إلى إيلا وهو يبتسم بابتسامة عريضة وسخيفة، مما جعلها تنفجر ضاحكة.
إيلا: “ما هذا؟ هل تحاول الانتحار بطريقة مبتكرة؟”
آدم: “أو ربما أنا فقط أمارس رياضة التمدد، من المفترض أن هذا يعزز عضلات الرأس!”
ضحكت إيلا، لكن الضحكة كانت مختلطة بشعور من الارتباك. الحياة هنا كانت كما لو أنها فيلم رعب ثقيل، لكن هناك دائمًا مساحة للسخرية والجنون.
“لا شيء يمنع الناس من أن يسخروا من الموت طالما أنهم يستطيعون العيش.”
وفي اللحظة التي سادت فيها الضحكة، شعر آدم بشيء غريب كانت تلك الضحكة هي الضوء الوحيد في هذا المكان المظلم، لكنها كانت تزداد تلاشيًا مع مرور الوقت شعور غريب بأنه كان يضحك على نفسه، على المأساة التي يعيشان فيها، ربما كان هذا هو سر البقاء.
ثم جاء المفترس إليهم خطوة بخطوة، وابتسم ابتسامة مليئة بالسخرية لم يكن هذا ابتسامة تقليدية؛ كانت ابتسامة القتل لكنه لم يتكلم، فقط أشار إلى أحد الجدران الملطخة بالدماء، ثم نظر إليهم بعينين غريبتين.
المفترس: “لن ينقذكِ سخريتكم هذه”
“عندما تضحك الدنيا في وجهك، تذكَّر أن هناك دائمًا عواقب.”
لكن آدم كان لا يزال يبتسم. هذا المكان كان قاتلًا، والواقع كان أكثر وحشية من أي شيء يمكن أن يتصوره، لكن في تلك اللحظة، كان يفضل الضحك على أن ينغمس في الظلام الكوميديا المظلمة أصبحت الوسيلة الوحيدة للتعايش مع الجنون.