
متابعة / محمد نجم الدين وهبي
في الساعات التي أعقبت سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد وتمكُّن المعارضة السورية بقيادة هيئة تحرير الشام من دخول دمشق، ظهرت في الأفق مجددا تخوفات من ظهور تنظيم داعش وهو سيناريو مُعقّد قد تشهده الساحة السورية خلال الفترة المقبلة، لا سيما بعد الإفصاح عن هذا الهاجس من خلال أطراف عدة، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية، وتركيا، بل وحتى المعارضة السورية نفسها التي كانت على خلاف مع هذا التنظيم في ظل فترة حكم الأسد.
المخاوف تشير إلى إمكانية سعي تنظيم داعش، الذي كان يُسيطر على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا، إلى استغلال الفوضى والعودة من جديد ثم التخطيط لعمليات داخل سوريا وخارجها، وبالتالي إرباك المشهد الذي لم تتضح ملامحه بعد.. فهل يشهد المستقبل السوري ظهور هذا التظيم مجددًا كقوة فاعلة؟
أميركا: سنمنع ظهور داعش
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أكد أمس الاثنين، أن الولايات المتحدة عازمة على منع تنظيم داعش من إعادة تنظيم صفوفه في سوريا، كما ستعمل على منع تفكك هذا البلد بعد إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، بحسب رويترز.
بلينكن قال خلال مناسبة في وزارة الخارجية: «سيحاول داعش استغلال هذه المرحلة لإعادة بناء قدراته وتنظيم صفوفه. كما أثبتت ضرباتنا الدقيقة خلال نهاية الأسبوع، نحن عازمون على عدم السماح بحصول ذلك».
وفي موقف لا يتقاطع مع ما أعلنه الرئيس المنتخب دونالد ترمب بشأن أن واشنطن لا مصالح حيوية لديها في البلاد التي تشهد نزاعاً منذ العام 2011، قال بلينكن إن لواشنطن سلسلة من المصالح في سوريا، بينها الحفاظ على وحدتها.
وأورد: «لدينا مصلحة واضحة في بذل كل ما في وسعنا لتجنب تفكك سوريا، والهجرات الجماعية من سوريا، وبالتأكيد تصدير الإرهاب والتطرف».
وأوضح أيضا أن للولايات المتحدة «مصلحة واضحة في ضمان عدم وقوع أي أسلحة دمار شامل أو مكونات منها بقِيت في سوريا في الأيدي الخطأ».
قصف أهداف لداعش
وكانت القيادة المركزية الأميركية، أعلنت أن قواتها نفّذت عشرات الغارات الجوية على أهداف لتنظيم داعش في وسط سوريا، يوم الأحد الماضي، بحسب موقع أكسيوس.
وذكرت القيادة المركزية في بيان، أن ضرباتها كانت تهدف إلى ضمان عدم استغلال التنظيم للوضع الحالي في سوريا.
وتحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري صغير في شمال شرق سوريا، ونفذت عشرات الغارات الجوية على أهداف لتنظيم داعش يوم لضمان عدم قدرته على إعادة تشكيل نفسها.
وقبل أيام في الوقت الذي كانت المعارضة السورية تُقاتل ضد الجيش السوري، أعلن البيت الأبيض أن أولويات الولايات المتحدة في سوريا تتمثل في «ضمان ألا يُشجع النزاع الحالي على عودة ظهور تنظيم داعش أو يؤدي إلى كارثة إنسانية».
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، إن تمدد النزاع «يشكل مصدر قلق»، متحدثا عن قلق حيال تنظيم داعش خصوصا.
وأضاف في مؤتمر أداره منتدى ريغن للدفاع الوطني في سيمي فالي بولاية كاليفورنيا: «شهدنا خلال أسوأ مراحل الحرب السورية الطويلة ظهور تنظيم داعش على الساحة».
وأكد أن الولايات المتحدة ستسعى تاليا إلى «احتواء احتمالية حصول عنف وعدم استقرار»، وحماية الحلفاء وضمان عدم حصول تنظيم داعش على «أكسجين جديد من هذا الأمر» الذي قد يؤدي إلى تهديد مصالح الولايات المتحدة أو الحلفاء.
موقف تركيا والمعارضة السورية
المخاوف الأميركية من ظهور تنظيم داعش في سوريا، كانت أيضًا، لدى الجانب التركي، إذ كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم الأحد الماضي، عن أنّ انقرة على اتصال بالمعارضة السورية للتأكد من عدم استفادة تنظيم داعش من الوضع بعدما أعلنت المعارضة السورية دخولها دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال فيدان في منتدى الدوحة في قطر: «يتعين علينا أن نكون يقظين خلال هذه الفترة الانتقالية. لدينا اتصالات مع المعارضة في سوريا للتأكد من أن المنظمات الإرهابية، وخصوصا داعش لا تستفيد من الوضع».
والأربعاء الماضي، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن سوريا أمام خطر تمدد داعش من ناحية البادية، حيث يستفيد التنظيم من الوضع في سوريا هذه الأيام.
«قسد»: داعش استعاد بعض الأرضي في سوريا
من جهته، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، إنهم رصدوا زيادة في تحركات تنظيم داعش في البادية السورية وريف دير الزور والرقة بسبب التطورات الأخيرة جراء تقدم المعارضة نحو حمص بعد توغلها في حماة، وهو ما يؤكد التخوفات من ظهور هذا التنظيم وإعادة ترتيب أوراقه مجددًا في سوريا، بحسب رويترز.
وأضاف عبدي، في تصريحات صحفية، يوم الجمعة الماضي: «تنظيم داعش تمكن من استعادة بعض الأراضي، وننسق مع التحالف الدولي بقيادة أميركا لمواجهة أي تهديد من التنظيم».
وحذّر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، يوم الثلاثاء الماضي، من أن الوضع في سوريا «خطير ومتغير»، مضيفا أن هناك مساحات شاسعة من البلاد تخضع لسيطرة أطراف من غير الدول، وأن الوضع قد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم «داعش»، بحسب رويترز.
وحذّر بيدرسون من احتمال اندلاع نزاعات في مناطق أخرى في سوريا، ومن عمليات نزوح على نطاق واسع، وحث كل الأطراف على العمل على حماية المدنيين وإتاحة العبور الآمن للفارين من العنف.
وقال بيدرسون إنه سيعود إلى المنطقة «قريبا» لإجراء محادثات لدفع العملية السياسية، وطالب بأن يأتي خفض التصعيد بآفاق سياسية ذات مصداقية للشعب السوري.
جرائم داعش في سوريا
وأعدم تنظيم داعش 54 عنصرا من قوات الجيش السوري التابع للنظام السابق، أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامنا مع سقوط بشار الأسد، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.وقال المرصد: «أعدم تنظيم داعش 54 عنصرا من قوات النظام السابق قرب كازية (محطة وقود) في منطقة السخنة في بادية حمص»، مشيرا إلى أن «خلايا التنظيم اعتقلت العناصر الفارّين من الخدمة العسكرية في البادية ودير الزور أثناء انهيار نظام الأسد».
وارتكب تنظيم داعش العديد الجرائم في سوريا خلال السنوات الماضية، ففي من مايو/أيار 2014، اختطف التنظيم أكثر من 140 طالبا كرديا في سوريا، وأجبرهم على تلقي دروس في العقيدة المتطرفة، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، بحسب «CNN».
وفي 21 يونيو/ حيزران 2014، سيطر داعش على القائم، وهي بلدة على الحدود مع سوريا، بالإضافة إلى ثلاث بلدات عراقية أخرى.
وفي يوليو/تموز 2014، سيطر التنظيم على أكبر حقل نفطي في سوريا واستولي على حقل غاز في محافظة حمص، واقتحم المنشأة وقتل العشرات من العمال، وسيطر على مساحة 90 ميلاً من البلدات السورية، من دير الزور إلى الحدود العراقية، في الموصل، وفجر قبر يونان، وهو موقع مقدس يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد.
وفي 19 أغسطس/آب 2014، نشر التنظيم مقطع فيديو يظهر عملية قطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي، المفقود في سوريا منذ عام 2012.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا إلى أن تنظيم داعش ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي 5 فبراير 2015، نفذت طائرات مقاتلة أردنية غارات جوية فوق سوريا، وذكرت التقارير أنها استهدفت مراكز تدريب تابعة لداعش بالإضافة إلى مستودعات للأسلحة والذخيرة في الرقة. في اليوم التالي، زعم تنظيم داعش أن الغارات الجوية قتلت الرهينة الأمريكية كايلا جين مولر. ونشر تنظيم داعش صورة لمبنى منهار وزعم التنظيم الإرهابي أن مولر مدفونة تحت الأنقاض.